تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
استهلكت القمة الاقتصادية التنموية العربية الكثير من الوقت، كتابةً وتنظيراً وتحليلا، لكن ما ينفع الآن أن نتبصر ونركنَ بعيدا مواقفنا المأزومة، علنا نستطيع أن نرمم ما تداعى ونصلح ما تصدّع.
نقول بداية، يكفي سخرية بموريتانيا والصومال، فهذا عيب، لا يرقى إلى قيمنا وتقاليدنا اللبنانية، فبدلا من أن نشكر رئيسي الدولتين العربيتين الوحيدتين على حضورهما فيما ضن آخرون بدعم مباشر عبر حضورهم الرسمي، ذهبنا حتى حدود الإساءة لشعبين شقيقين، ولا نعلم أن إحدى هاتين الدولتين سجلت نموا اقتصاديا لافتا، فيما لبنان مهدد بانهيار مالي ومستقبل مجهول.
آن الأوان لنعود إلى جادة الصواب، ولا بد أولا أن نعترف ونقر بأن لبنان بلد عربي الهوية والانتماء، أما من لا يستسيغ الانفتاح على هُويتنا بذريعة أن بعض الدول العربية تمثل رأس حربة في مواجهة المشروع الصهيو-أميركي" في المنطقة، نقول له إن لبنان أوهى من أن ينخرط في سياسة المحاور، وإذا كانت مقاومة إسرائيل ترقى لمرتبة القداسة، فمستقبل لبنان يرقى إلى ما هو مقدس أيضا، والمقاومة لا تنحصر في جانبها العسكري فحسب، ولا يكفي أن نمتلك صورايخ ومنظومات دفاعية عسكرية متطورة فيما شعبنا بدأ يئن من جوع وقهر وتعب.
لنتعلم على الأقل من عدونا المتربص بنا شرا كيف أن اقتصاده يتطور ويزدهر بالرغم من أنه يعيش أجواء حرب دائمة، ولنتعلم أن إسرائيل تقدمت على دول عظمى في مجال البحث العلمي ونحن لم نتمكن من بناء معامل لمعالجة الصرف الصحي، أما أن ننخرط في محور الممانعة على حساب مصلحة لبنان فهذا انتحار، وأن نروج للمثالثة فهذه خطيئة، لا بل كارثة.
نعم المقاومة فعل مقدس في وجه إسرائيل، وعلاقات لبنان مع الدول العربية أيا كانت مواقفها حاجة وضرورة، وإيران دولة صديقة ولا يمكن أن نكون يوما في موقع العداء لأي دولة في العالم، وإراحة الساحة المحلية انتصار لمشروع المقاومة، والازدهار الاقتصادي جزء من مقاومة البطالة والجوع ومقدمة للنهوض بلبنان القوي، وهما عدوان لا يقلان خطورة عن إسرائيل، وأمامنا أيضا أكثر من عدو، من الهجرة والفقر إلى تردي قطاعات الدولة وسيادة منطق الدويلات وتعطيل مؤسسات الدولة.
لا يمكن أخذ لبنان إلى محاور المنطقة، ولا يمكن أن نهلل لوصاية جديدة، وعلى الجميع أن يعلم بأن لبنان دولة مستقلة ذات سيادة، وأي منطق يخالف حقيقة أننا بلد مستقل فهو بداية لانهيار الدولة!