تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
أتت الانتخابات النيابية الأخيرة بعدد كبير من الطارئين على العمل السياسي، ومن الطبيعي أن نشهد هفوات وخطوات ناقصة، ولسنا في هذا المجال من غير المرحبين بدم جديد يرفد الدولة بحيوية الشباب وطموحهم، ولكن المشكلة أن ليس كل دم جديد صالح، وليس كل جيل صاعد يمثل قيمة مضافة في المعترك السياسي، وهذا يؤكد أن رؤساء اللوائح من زعماء الطوائف استسهلوا الاختيار، ولم يُـخصعوا المرشحين لدورات تأهيلية، كأن يُسلَّموا مهاما ويكلفوا بمسؤوليات ما قبل النيابة، أي قبل ضمهم إلى قاطراتهم وحافلاتهم، وهذه مشكلة ندفع ثمنها اليوم.
لا نعرف على وجه التحديد أن يكون ثمة نائب قادم من خارج سرب السياسة ولم نعرف أنه خاض غمارها في مرحلة ما، ولا يمكن الركون إلى الطموح فحسب، فرب طموح يفضي إلى الهاوية، وما نشهده منذ مدة يتمثل في أن هناك نوابا يدلون بدلوهم تغريدات وبيانات لزوم ما لا يلزم، أي لمجرد القول: "أنا هنا"، فيسيئون لأنفسهم أولا، ويسيئون تاليا لمن أولاهم ثقته فحملهم على الأكتاف إلى تحت قبلة البرلمان.
مشكلة رجال السياسة في لبنان أنهم يريدون من يكونون بمثابة الظل بالنسبة إليهم، فمن عارض من باب إبداء الرأي جرى استبعاده عن "جنة النيابة"، فعدا نائبا سابقا بفعل ماض ممنوع من الصرف، ولاذ في بيته يندب حظه العاثر، ساعة تجرأ ولم يتورع أن يصوب أو ينتقد كلام مسؤول لا يمكن مناقشته، وأي اعتراض، ولو من باب الحرص، يصنف على أنه نوع من المؤامرة، فالزعيم في لبنان لا يُناقش، يرسم خارطة طريق وعلى الأتباع أن يكونوا مطيعين مرددين صدى أفكاره، تماما وبنسخة "فوتي كوبي" عن قادة الأنظمة الشمولية، فالزعيم ملهم وظل الله على الأرض.
نتحدى أن يكون ثمة مجتهدون من النواب الجدد، خصوصا أولئك الذين حظيوا بنعمة الوصول إلى الندوة النيابية دون عناء شخصي، ودون اجتهاد بعيدا من منظور صاحب السلطة في طائفته، لا نقول أن ليس ثمة من هو غير أهل ليتبوأ موقعا، ولكن السياسة ليست ميدانا للتجارب، وكأنه يُراد أن يختبرَ بعض هؤلاء بنا، والمواطنون لا يمكن أن يكونوا حقل تجارب، وليسوا بفئران مختبرات لتثبيت نظرية أو لتأكيد أن فلانا يتمتع، بعد التجربة والخبرة، بمؤهلات القيادة.
ما تطالعنا به وسائل الإعلام من "إبداعات سياسية" لحديثي المسؤولية والنعمة يدفع للتساؤل، ألم يكن من الأجدى أن يكون الاختيار أفضل، خصوصا وأن الشعب المكتوي بنار الأزمات ليس بحاجة لبيانات بعد أن شبع منها وصار يتطلع إلى ما ينتج طحينا وخبزا!