تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
قمة السخرية أن نسمع كلاما من قبيل الولايات المتحدة الأميركية تريد إفشال قمة بيروت، وكأنه يُراد لنا أن نصدق مقولة "العدو الغاشم" و"الإمبريالية المتوحشة" و"الصهيونية العالمية" و"الماسونية العالمية"، وما إلى ذلك من مفردات ومصطلحات تحكمت بقاموسنا السياسي منذ نكبة 1948، يوم صرنا نلوك المعاني لنهرب من هزائمنا، أو لنخفف من وطأتها علينا، خصوصا يوم حولنا هزيمة 1967 إلى "نكسة"، بعد أن أوهمتنا الأنظمة الخانعة بأن أمتنا العربية تواجه مؤامرة كونية، فقط لنعلي من حضورنا المغيب لا أكثر.
وطالما أننا نتبنى مقولة الإعلاء الوهمي للذات، فسنظل نراوغ ضعفنا ونروغ من هزائمنا، من السياسة إلى الاقتصاد وصولا إلى ميادين القتال والمواجهة، ولبنان ما عاد استثناء، وهو في الأساس جزء من منظومة الفشل العربي، مع فارق وحيد، يتمثل في أن معظم الدول العربية محكومة بديكتاتورية مقنعة، أما لبنان فمحكوم بأكثر من ديكتاتورية يعبر عنها زعماء الطوائف في دويلة تُـحكم بإدارة طوائفية، أحيانا بالتوافق، وأحيانا كثيرة بالتعطيل كما هو حالنا ابالأمس وليوم.
وعندما يقول البعض أن الولايات المتحدة تستهدف إفشال القمة الاقتصادية العربية في بيروت، فهو يدرك تماما خلاف ذلك، ولكن طالما أن هزيمة أميركا غير ممكنة في الواقع، فلماذا لا نعوض ذلك في الإيحاء بأننا مهمون لدرجة أن الإدارة الأميركية تستهدفنا كقوة عسكرية نووية تريد أن تتقاسمها النفوذ في العالم، حتى ليبدو الأمر وكأن لبنان دولة نووية تملك "زر" إبادة العالم في ثوان معدودات، أو أننا مارد اقتصادي ينافسها تجاريا وماليا.
نعلم أن لأميركا مصالح في المنطقة، وهي لا تدخر فرصة للتعبير عنها في مواجهتها مع إيران، وتعبر بلسان "إسرائيلي" عن مخاوفها من " حزب الله "، وفي الأساس لم تكن أميركا يوما إلى جانب لبنان، وبات الكل على قناعة بأن البراغماتية الأميركية لا يمكن أن تكون إلى جانب أي دولة أو أي مجموعة مضطهدة في المنطقة والعالم، وتغلف مصالحها بشعارات من قبيل الحرية والقيم الإنسانية، وهي لن تتوانى – على سبيل المثال – عن ترك الأكراد يواجهون مصيرهم في العراق وسوريا.
وبالعودة إلى مقولة أن أميركا تريد إفشال قمة بيروت، وفق ما تداولته بعض وسائل الاعلام اليوم وما روج له سابقا بعض غلاة السياسيين اللبنانيين، فما لا بد من قوله هو أن أميركا ليست بحاجة لإفشال القمة، فاللبنانيون "قاموا بواجبهم" وهذا ما يؤكد أن لبنان صار جزءا من منظومة الفشل العربي!