تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
إلى أين سيفضي السجال بين قوى سياسية متنابذة؟ وما العبرة من استعادة لغة بائدة فيما لبنان يتطلع إلى الأمام ليجبه كوارث لن يكون بعيدا عنها؟ وأكثر من ذلك ماذا حققت السجالات والنبرات العالية والعضلات المنفوخة منذ بدء مشاورات تشكيل الحكومة قبل نحو ثمانية أشهر بين مختلف القوى السياسية؟ وتاليا من انتصر في حروب داخلية؟ أوليس التساجل مطلوبا اليوم لإضعاف الساحة الداخلية وتسهيل تدخل بعض القوى الإقليمية الحالمة بوصاية ووضع اليد؟
أسئلة تتوالى ولا نملك إلا إجابة واحدة عنها، والأمر لا يحتاج كبير عناء لنعلم أن تأجيج الساحة المحلية مطلب دول المنطقة، أو ممالأة من مسؤولين لكسب ود دولة جارة أو بعيدة، ومن يرفع السقف تنفتح أمامه جنة عدن، وليس بالضرورة أن سائر القوى السياسية محكومة بوظيفة وراتب من جهة ما، لكن من اعتاد على التسول لا يمكن أن يكسب رزقه بعرق التعب و"الطبع غلب التطبع".
وزمن الحرب لا يختلف كثيرا عن زمن السلم، في الحرب تصبح العلاقات بين ميليشيات طارئة ودول بعينها أكثر وضوحا، وعشنا زمنا طويلا من "اقتصاد الحرب"، يوم كثر المتبرعون لنهدم بلدنا طوعا، شاحنات وبواخر أسلحة وأموال طائلة وتقديمات، أما في زمن السلم، تصبح العلاقات متوارية بعيدا من عيون الفضوليين، لكن يمكن استكشافها بفائض الغيرة على دولة بعينها، السعودية تدفع وكذلك إيران، وثمة من يتطلع إلى مال إماراتي وقطري.
في إحدى المرات قام أحد الصحافيين وكان مراسلا من لبنان لصحيفة قطرية بزيارة لمسؤول لبناني، طالبا منه حوارا حول الوضع الداخلي في لبنان ودور قطر في إعادة إعمار الجنوب والتسوية التي أفضت إلى انتخاب الرئيس ميشال سليمان رئيسا، فقال: "فلان ذهب (مبارح) إلى الدوحة وقبض (قاصدا أحد المسؤولين اللبنانيين) ونحن فقط نصفق وندعم ببلاش؟!".
ليس بالضرورة أن ينحدر الاستجداء، ممالأة وتكسبا وتحقيق ثروات وتوسيع نفوذ، إلى هذا الدرك، وإلى هذا المستوى لدى جل المسؤولين في لبنان، فثمة من لا يُشترى في العلن وبأسلوب رخيص (يرفع سعره)، لكن ثمة أيضا من لا يطاطىء الرأس مهما تعرض لإغراءات، ومن هنا نركن آمالنا عند من لا يُشترى ومن لا يبيع كرمى لأهداف الطامعين بلبنان، ساحة لتحقيق أغراضهم في منطقة محفوفة بالمخاطر في ظل ترسيم جديد لجغرافيا الشرق الأوسط البائس.
وتبقى المشكلة أن السياسة في لبنان تحولت نوعا من المضاربة في سوق المصالح الخاصة، أو بمعنى أدق متاجرة بالمواقف، أي تجارة لا تعرف الخسارة!