تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ما يزال صدى "القنبلة" السياسية التي فجرها بالأمس رئيس مجلس النواب نبيه بري بدعوته الى تأجيل انعقاد القمة الانمائية العربية في بيروت من 19 إلى 20 كانون الثاني (يناير) الجاري يتردد في أكثر من مكان وفي غير اتجاه، خصوصا وأن هذه الدعوة تحمل الكثير من الدلالات محليا وإقليميا، وتتطلب سقفا من التوافق الضمني، يجنب لبنان تجاذبات داخلية قد تكون لها نتائج تعمق الخلافات بين أركانه، ولا سيما بين الرئاستين الأولى والثانية.
وثمة من رأى في دعوة الرئيس بري إلى تأجيل القمة "خطوة سلبية"، لجهة أنها تؤكد أن لبنان يعيش واقعا سياسيا مأزوما وضاغطا، فضلا عن أن لبنان في ظل الظروف القائمة مع تعثر تشكيل الحكومة لنحو ثمانية أشهر وغياب التوافق بين قواه السياسية لن يكون قادرا على تحمل انقساما يزيد من تعقيدات، فهل نكون أمام مواجهة محتملة جديدة بين رئاسة الجمهورية المعنية بملف هذه القمة الإنمائية من جهة، ورئاسة مجلس النواب من جهة ثانية؟
هذا السؤال يستجلب مرة جديدة إشكاليات متصلة بموضوعي الصلاحيات الدستورية للرئاسات والفصل بين السلطات، ذلك أن ما طرحه الرئيس بري، ثمة من رأى فيه "تدخلا" من قبل السلطة التشريعية بملفات مرتبطة بصلاحيات كل من السلطة التنفيذية ورئاسة الجمهورية على نحو خاص.
وما يثير مخاوف أكبر يبقى متمثلا في عدم التوافق على دعوة سوريا إلى القمة الاقتصادية، بالرغم من استكمال التحضيرات لعقدها بعد تسعة أيام، من دون مُمثل عن دمشق، وهذا ما يدفع باتجاه تسعير الخلافات الداخلية، بحيث لن يكون لبنان قادرا على لعب دور فاعل في موضوع الانفتاح العربي على سوريا، وربما لهذه الأسباب جاءت دعوة الرئيس بري العلنية إلى تأجيل القمة، وهذا ما يتطلب ملاقاة هواجس رئيس مجلس النواب والخروج بسقف من التوافق يحصن الساحة المحلية، بدلا من أن يبقيها مشرعة على خلافات محتملة ومتوقعة.
وسط كل ذلك، يبقى انعقاد هذه القمة في لبنان خطوة مهمة، وسانحة سياسية واقتصادي من الضروري تثميرها لصالح تعزيز التنمية وتفعيل الاقتصاد، وهذا يعني أن لا خيار إلا حل كل الإشكاليات الماثلة حول القمة في حد ذاتها أولا، وحول العلاقة مع سوريا التي تتطلب توافقا وتوجها واحدا سقفه مصلحة لبنان ثانيا، وإلا سنكون مرة جديدة محكومين بتكريس سياسة الفرص الضائعة!