تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- * " فادي غانم "
ثمانية أشهر، أكثر من مئتين وأربعين يوما، ولا تزال الحكومة مؤجلة، ساعات تمضي والأمور إلى مزيد من التعقيد، وتتنامى المخاوف من أن نكون أمام خطوات غير محسوبة، وسط دعوات مبطنة لكسر الجمود السياسي بما هو أخطر منه، وكأن أحدا لم يتعلم من دروس الماضي، ولا يعلم إلى الآن أن لبنان يحكم بالتوافق ومحكوم بموجبات هذا التوافق سبيلا وحيدا لتخطي عثرات السياسة وأزماتها، وما عدا ذلك فلا شيء إلا الخراب.
وفي ظل هذه الظروف الصعبة، ثمة مخاوف من أن نكون أمام أزمة نظام لا أزمة تشكيل حكومة، وذلك يعني أن لبنان معرض لهزات لن يكون قادرا على تحمل قوتها وارتداداتها، تصدعا في بناء الدولة وأساساتها، أو انهيار البناء على الجميع، وقد علمتنا تجارب الأمس القريب أن لبنان عصي على الاستفراد والاستئثار من أي جهة ومن أي مكون من مكوناته، وأنى كانت الأسباب والاعتبارات فالتوافق قدر وخيار وحيد، يتطلب التضحية من الجميع من أجل الجميع.
حيال ذلك، نعلم ونقدر رؤية غبطة أبينا الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لما نحن عليه اليوم، ونفهم هواجسه، ونتفهم مواقفه الأخيرة، لا بل أكثر من ذلك، إن هذه المواقف تعبر عن آراء جميع اللبنانيين، ومن كل الطوائف والمذاهب، خصوصا خين انتقد بالأمس المسؤولين، قائلا "عندما نسمعهم كل يوم يتكلمون عن حصص من أجل تأليف حكومة، لسنا ندري متى تأتي، تشعر كأنك أمام مشهد جثة وطن يتناتشها المنقضون عليها، ويسمون ذلك وحدة وطنية".
هذا التوصيف صادم، وما عبر عنه البطريرك الراعي جهارا لا نملك أن نقوله نحن، ليس من موقع أننا غير قادرين، ذلك أن دقة المرحلة تتطلب مقاربات استثنائية في لحظة استثنائية ومن مسؤولين استثنائيين أيضا، وهذا ما أشار إليه أبينا الكاردينال لافتا إلى أن "العيوب التي تفقد السياسة صلاحها وصدقيتها وهيبتها في قراراتها وأعمالها، إنما هي عيوب في السياسيين"، وهذا لسان حال كل لبناني يؤمن بدولة العدالة والمساواة.
وتزامنا، جاءت دعوات من مراجع روحية عدة تحذر من هذا الواقع المأزوم، فقد أشار سماحة السيد علي فضل الله إلى "العجز عن تشكيل الحكومة وكل ما نشهده من تناحر حاد بين القوى السياسية، وهو ما يخشى أن يؤدي إلى تغييب خطاب الاعتدال، وإعطاء مصداقية أكبر للدعوات التي ترى أن ما تعانيه البلاد هو أزمة نظام لا أزمة حكومية".
عسى أن تتغلب لغة العقل وتنتصر رجاحة الفكر على صغائر الأمور، كالتناحر على مكاسب بوزير بالزائد أو بثلث معطل، خصوصا وأن المعطيات تشي بأن المدخل الوحيد الآن إلى مواجهة الانهيار يكون يكون بتشكيل حكومة مصغرة من غير السياسيين، ولسان حالنا الحكومة... وإلا!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"