تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
إذا كثر الطباخون لا يحلمنّ أحد بأن يتناول طعاما شهيا، لأن الكل سيضع "بصمته" الخاصة، فلكل ذوقه، وعندما تختلف الأذواق لا يمكن أن ينضج طعام شهي ولا إقامة مائدة عامرة بالأطايب، وهذا مثل شعبي رائج، والأمثال هي نتاج تجارب وخبرات السنين، ولا نأتي بشيء من عندياتنا.
ما ينطبق على الطبخ وفنونه، ينطبق أيضا على الموسيقى، وهذا ما نعيشه في ظل أزمة تأليف الحكومة ، فثمة أكثر من مايسترو والموسيقى نشاز، ولا ثمة جملة لحنية متناسقة تصدر نغما مقبولا، الكل يعزف على ليلاه، والنسق الأوركسترالي في فوضى، والرئيس المكلف لا يلتفت إليه الموسيقيون إلا فريقه الخاص وبعض الحلفاء، وتختلط آلات النفخ بالوتريات والإيقاع لا ضابط له، حفلة موسيقية تصم الآذان.
كل زعيم "طباخ" و"قائد أوركسترا"، ولكل فريق نشيد وأكلة مفضلة، والناس جوعى ومحكومون بـ "ضجيج هارموني" يشبه الضرب على طبل مثقوب، والعزف مستمر على إيقاعات لا شيء يجمعها فغاب عنها الانسجام والتآلف وحلت الضوضاء، سبعة أشهر مضت ولا نزال نواجه التلوث بالضجيج، حتى تلفت الأعصاب وفقدنا الصبر، وبات لسان حالنا: أما آن لهذه "المعزوفة" أن تنتهي.
وسط هذه الفوضى حذر رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري من أن لبنان لا يمكنه البقاء مدة أطول من دون حكومة بعد أكثر من سبعة أشهر من المشاورات الصعبة لتشكيلها، محذراً من وضع اقتصادي "صعب"، فيما جدّد غبطة الكاردينا ما بشارة بطرس الراعي للمرة الثالثة، في أقل من أسبوع، مطالبته المسؤولين في لبنان بتأليف حكومة مصغّرة من اختصاصيين وذلك بعد ساعات على كلام الرئيس المكلف سعد الحريري حيال إمكانية التوصل إلى حلول لأزمة الحكومة عبر تشكيلها من 24 وزيرا أو 30 وزيرا.
وما لا بد من الإشارة إليه، قول أبينا الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومن موقعه الروحي مطالبا بالنهوض بلبنان وتجنيبه المخاطر الاقتصادية والمالية والمعيشية، وبالمحافظة على مؤسساته من الفساد المستشري والمتأصل، وحمايته من التدخل السياسي المذهبي، داعيا إلى تأليف حكومة مصغرة من ذوي الاختصاص، الحياديين، المعروفين في المجتمع اللبناني بأخلاقيتهم وحسهم الوطني وفهمهم لأصول السياسة وممارستها. غايتها إجراء الإصلاحات اللازمة في الهيكليات والقطاعات، وتوظيف المال الموعود في "مؤتمر سيدر" من أجل النهوض الاقتصادي.
لو التزم المعاندون والمعطلون بما قاله الكاردينال الراعي قبل أشهر أربعة، لكنا الآن ننعم بحكومة تكنوقراط، ولكنا ننصت في الوقت عينه إلى سيمفونية رائعة متناغمة، ولكنا أرحنا رئيس الجمهورية من صخب لا لزوم له!