تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
نائب ووزير سابق ومرشح أسبق لرئاسة الجمهورية (قبل نحو عقدين من الزمن) انتقد عشية رأس السنة، "دولة المزرعة"، في تغريدة على موقع "تويتر" جاءت مشفوعة بتمنياته أن يكون العام الجديد عاما ملؤه السعادة والرخاء، وأن ننتهي من جو الفساد وانعدام المسؤولية الطاغي هذه الأيام.
مستفزة مثل هذه التمنيات الصادرة عن مسؤول واكب كل مراحل الفساد في دولة المزرعة، فما الذي تغير؟ ولماذا لم نسمع له صوتا يوما كان نائبا ووزيرا في حقبات مختلفة منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي؟
لا ننتقد لمجرد الانتقاد، فهذا المسؤول مشهود له بمواقف اتسمت بالنزاهة، ومارس مهامه دائما كرجل دولة مخضرم، لكن ثمة سؤالا، إذا ابتعد المرء عن مواقع المسؤولية يكون ما قبله جنة، وإذا خسر في الانتخابات النيابية وسد في وجهه مواقع المسؤولية يصبح ما بعده مزرعة؟ وإذا كنا متفقين ضمنا أن لبنان مزرعة، أوليس الجهر بذلك فيه إذلال للبنانيين وعدم مراعاة لمشاعرهم؟ ومن ثم إذا كان النائب المذكور مساهما في بلورة "اتفاق الطائف"، أفلا يتحمل مسؤولية معنوية على الأقل في استيلاد هذا الاتفاق الذي لا يشتمل إلا على حسنة واحدة تمثلت في وقف الحرب الأهلية؟
لا نناقش ما قاله الوزير السابق، ونحن معه 100 بالمئة، ولكن نتساءل كيف يُنتقد الفساد حسب دورة الأيام؟ فلو سمع من هم بعيدون عن واقع لبنان وأزماته التاريخية مثل هذه التغريدة لظن أننا كنا نعيش في جنة حقيقية، وأن الأمور انقلبت رأسا على عقِب منذ تسلم الرئيس العماد ميشال عون مقاليد الرئاسة الأولى، وهذا يعني أن التغريدة حملت "رسالة" سياسية صوبت على العهد، وهذا يجافي الواقع.
لا بد من أن نتخطى المواقف الخاصة، والرؤى السياسية الضيقة، ونعترف أن دولة المزرعة نشأت منذ عهد الاستقلال (ميثاق 1943)، يوم قررت الطبقة السياسية اقتسام لبنان طوائف ومذاهب، وصار اللبنانيون قطعانا في مزرعة وطنية، لكل طائفة راعٍ ليس بالضرورة أن يكون صالحا، وأي تغريدة ناقصة فيها افتئات على الرئيس العماد ميشال عون .
وحيال ذلك، لا نبرىء أيا من المسؤولين عما آلت إليه أوضاع لبنان، فالكل مسؤول طالما أننا لم نوجه سهام النقد نحو نظام أورثنا حروبا ودمارا في مراحل سابقة، ويحكمنا اليوم بالتعطيل والاستنساب، فضلا عن أن هواجس الطوائف لا تبني وطنا!