تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- * " فادي غانم "
حيال ما شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية في موضوع التلوث والفساد، بات المطلوب اليوم أكثر من الغد، أن نبادر إلى قراءة هادئة لسائر القضايا العالقة وما رافقها من صخب وتشنج، حتى كدنا أن ننسى أن لبنان محكوم باستحقاقات داهمة مع ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة وتخطي العقبات الباقية، أو بمعنى أصح، العقبة الأخيرة المتعلقة بتمثيل النواب الستة السنة المعارضين للرئيس المكلف سعد الحريري .
نطالب بالهدوء لنتمكن من التفكير بتؤدة، لا لنروغ من مسؤوليات، وساعة ترتفع وتتداخل الأصوات يقل السامعون ويتشابك الكلام فلا نعود نقوى على الفهم والاستيعاب، وأخطر ما نواجه اليوم فوضى الأفكار، كما أن الهدوء لا يعني الانسحاب من أزمات لبنان، وإنما النظر بجدية أكبر إلى ما يستبيح حياتنا وصحتنا ومستقبلنا الآن وغدا وبعده.
نعم نواجه فسادا وتعترضنا أوضاع شاذة، وهذا ليس بجديد، كما أن الفساد ليس وليد اليوم، هو متجذر في الإدارات العامة وفي السياسة والاقتصاد ومعظم مرافق الدولة، وهمنا كان وسيبقى كيف نعيد بناء وطن ونرسِّخ حضور الدولة، لكن المطلوب اليوم أن نؤازر رئيس البلاد، وأن نلاقيه عند منتصف الطريق، ونعود ونؤكد أن لبنان يعيش سانحة قد لا تتكرر مع الرئيس العماد ميشال عون، من هنا نبدأ، ومن هنا نصوِّب، لأننا نعي تماما أن العهد القوي لا يغطي الفاسدين، ولن يغطي، أما أن نضع العصي أمام "الدواليب" فنكون مثل من ينادي بالشيء ويفعل نقيضه، ومن هنا نرى أن محاربة الفساد تبدأ بتشكيل الحكومة، بانتظام عمل المؤسسات، بالسهر على تطبيق القانون، باحترام المواطنة وسيادة الحرية المسؤولة، فالحكومة مدخل الإصلاح، وبعدها نحاسب.
نعلم أن ثمة فاسدين، يمثلون الجزء الفارغ من الكوب، لكن في المقابل ثمة جزء مليء بالماء، ونعلم أن هناك صعاليك في السياسة، طارئين، مفسدين، صيّاحين وديوكاً على مزابل طوائفهم، لكن هؤلاء يمكن محاصرتهم بمن يعبرون فعلا عن تطلعاتنا، تطلعات الناس البسطاء وهم يكدون في سبيل لقمة عيش حرة كريمة.
هناك فاسدون من كل الطوائف وفي كل الأحزاب والتيارات السياسية، لكن في المقابل هناك أيضا من أنجزوا وحققوا الكثير، ومن كل القوى والتيارات والأحزاب، وثمة أمثلة كثيرة نراها في كل ما تم إنجازه من مشاريع قوانين وتبني إجراءات أعادت هيبة الدولة، وملاحقات وتدابير نراها بأم العين، وهي بالتأكيد غير كافية، لكن المهم أننا بدأنا من مكان ما، وهذا ما يمثل الخطوة الأولى على طريق محاصرة الفساد.
ربما هناك من يتساءل: كيف نحمي الفساد ونبني وطنا في الوقت عينه، فيما نواجه ما نواجه من تعديات وتجاوزات؟ وهنا نقول، إن الفساد ليس قدرا، ومواجهته تتطلب الصبر دون ملل، سنشاهد من يتدخلون لحماية فاسد، ومن اعتادوا على الفوضى والصفقات، ومن يتدخلون في سلطة القضاء ويستغلون نفوذهم لتثبيت الفساد، لكن إن نجحوا اليوم فلن ينجحوا غدا، ولا يمكن لهؤلاء أن يغردوا طويلا خارج سرب الدولة، المهم أن نترك للقضاء هامشا يمكنه من المحاسبة ليسود القانون وتتحقق العدالة.
نحن مع العهد باقون، كنا وما نزال، أما صعاليك السياسة وديوك المزابل، فإلى الجحيم وبئس المصير!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"