تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– محرر الشؤون السياسية
يعتقد رئيس "الحزب الديموقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان أن استقلال لبنان حصل فعلا لمجرد أن اعتقل الانتداب الفرنسي مسؤولي البلاد وسجنهم في قلعة راشيا وانعقاد حكومة مؤقتة في بشامون، ويريدنا أن نصدق أن لبنان استقل بـ "همروجة".
بالتأكيد لا ننتقص من رجالات تمتعوا بقدر كبير من المسؤولية في مواجهة الفرنسيين ومن بينهم الأمير مجيد أرسلان، غير أن الاستقلال برمزيته اللبنانية ليس أكثر من حكاية تُروى لتلامذة المدارس، وتنسج حولها الأساطير وتُستحضر بطولات "قطفها" زعماء الطوائف في حينه، وما زالوا إلى اليوم يوظفون الماضي لتحصين مواقعهم.
ما يعرفه كثيرون أن الانتداب الفرنسي خاف من ثورة الناس، خاف من الذين نادوا وطالبوا بالاستقلال في تحركات شعبية وأهلية بعيدا من قصور زعامات ذلك الزمن، ناس من كل المناطق والطوائف رفضوا الذل والهوان، وقد خاف الفرنسيون من أبطال واجهوا الفرنسيين عراة الصدور، هؤلاء الذي يصار إلى تغييبهم "درزيا"، ومن بينهم شهيد الاستقلال الوحيد سعيد فخرالدين ابن بلدة عين عنوب، واستشهد لوقف الفرنسيين من التوجه لاعتقال المجتمعين في بشامون.
إذا اعترض أرسلان في "تغريدة" على تغييب الزميل جورج غانم خلال تعداد محطات من تاريخ الدروز في لبنان، قاصدا الاستقلال بكل ما فيه من التباس، و"تقصد عدم ذكر الإستقلال عام 1943 لتغييب الأمير مجيد أرسلان"، بدورنا نسأل: لماذ يغيب أرسلان تضحية سعيد فخرالدين الذي لوّن بدمه الزكي علماً رسمه أعضاء حكومة بشامون المؤقتة؟ لماذا لم يبادر زعماء الدروز حتى الآن لإشادة تمثال لشهيد الاستقلال الوحيد، بعد شراء الأرض وتسييجها في المكان الذي تصدى فيه فخرالدين ورفاقه للجيش السنغالي (الفرنسي)؟
وحده الشهيد كمال جنبلاط قال كلمته في البرلمان ردا على أهازيج وادعاء بطولات متوهمة، "لم التبجح؟ هناك شهيد استقلال واحد اسمه سعيد فخرالدين وهو سوري قومي اجتماعي".
أما قوله في "التغريدة" نفسها بأن "الإنحطاط الإعلامي وصل إلى ما وصل إليه... وصار الوقت نوقف دجل وتزوير"، فهذه إساءة لشريحة كبيرة من اللبنانيين وليس وأهل الصحافة والإعلام فحسب، وإنما من لأولئك الذين صححوا خللا كان الاستقلال المتخيل أحد أسبابه، يوم تصدوا للأحلاف الاستعمارية وحرروا الأرض بدماء آلاف الشهداء من رجس الاحتلال الإسرائيلي، من الجبل إلى بيروت والضاحية والجنوب.
الحقيقة لا تنتقص من رجالات البلاد الذين أبدوا قدرا كبيرا من المسؤولية التاريخية، ومن بينهم الأمير مجيد أرسلان، لكن الاستقلال هو حكاية أخرى غير تلك التي نتغنى بها، خصوصا وأن معركة الاستقلال الحقيقي ما تزال مستمرة!