تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- أكرم كمال سريوي
لا يختلف اثنان ان لبنان واقع في أزمة مالية ويحتاج إلى الإصلاح، لكن كيف وماذا نصلح؟ قليلاً ما نجد جواباً!
وفقاً لمنطق العلوم الاقتصادية والمالية عندما تصبح الدولة في عجز مالي يكون من بديهيات الاصلاح أن تعمد إلى خفض نفقاتها وزيادة الواردات، وغالباً ما تلجأ الحكومات إلى زيادة الضرائب والرسوم كما فعلت فرنسا مؤخراً، أي انها تلقي العبء على كاهل المواطنين فتزيدهم فقراً وبؤساً، أو تذهب إلى خيار تخفيض الرواتب والأجور كما فعلت صربيا، أو تخفيض القطاع العام كما فعل المندوب السامي الفرنسي عام 1934في لبنان.
وإذا القينا نظرة على المالية اللبنانية نجد انه تم انفاق 216 مليار دولار بين عامي 1993 و2017، منها 77 مليار خدمة الدين العام و46 مليار رواتب واجور، و20 مليار على الكهرباء و19 مليار تقاعد وتعويضات، أما في ارقام موازنة 2018 البالغة 23،85 تريليون ل.ل، أي ما يعادل 15،8 مليار دولار، فإن العجز يبلغ 4،8 مليار دولار، وتبلغ خدمة لدين ثلاثة مليارات، ودعم الكهربا 1،5 مليار، وسنجد مليارات الليرات التي يتم انفاقها على الأثاث والتجهيزات في الإدارات الرسمية، اضافة إلى عدد كبير من نفقات الترف في الدولة مثل دعم الجمعيات المسماة ذات منفعة عامة، فقد تم مثلاً دفع مبلغ مئتي مليون دولار لدعم مؤسسة تحسين نسل الجواد العربي، وبلغت موازنة الهيئة العليا للإغاثة أكثر من موازنة ست وزارات مجتمعة، وتُنفق هذه الأموال دون المرور بمجلس الوزراء.
ومن الواضح ان المخالفات كثيرة جداً وأول الإصلاحات المطلوبة وقف كافة المخالفات وإقفال مزاريب الهدر في خزينة الدولة.
وإذا أردنا الاصلاح علينا إعلان حالة طوارئ اقتصادية يتم من خلالها وقف كافة مصاريف الترف من تجهيزات وسيارات ومساعدات وغير ذلك، واتخاذ الخطوات التالية:
1- إعادة النظر في دعم المؤسسات المسماة ذات منفعة عامة والبالغ عددها أكثر من سبعة آلاف، فمعظمها مزاريب هدر للمال العام ولا يعود نفعها سوى لأصحابها.
2- وقف التوظيف في الدولة ورفع سن التقاعد، واعتماد مبدأ نقل الموظفين بين ادارات الدولة والتي أصبحت بعض قطاعاتها متخمة بموظفين يتقاضون رواتب دون القيام بأي عمل، خصوصا بعد التوظيف الزبائني النفعي الذي ازداد في فترة الانتخابات مما جعل الشباب يتهافتون على الوظيفة العامة.
3- وقف عمليات التلزيم بالتراضي والتي تشكل أكبر أبواب الهدر والفساد والسمسرات، وحصر ذلك في دائرة المناقصات مع تشديد الرقابة عليها.
4- إعادة النظر في قانون الضرائب بحيث يتم اعفاء اصحاب الدخل المحدود، واعتماد نظام الضريبة التصاعدية كما هو الحال في الدول المتقدمة من السويد إلى كندا وغيرها، فلا يجوز ان يدفع نفس الضريبة من يتقاضى الحد الأدنى للأجور ومن يتقاضى عشرين ضعفاً لهذا المبلغ.
5- يستورد لبنان سنوياً بقيمة 18 مليار دولار ويصدر بأقل من 3 مليار، ومع ذلك لجأت الدولة إلى اتفاقيات الغاء الضريبة مع بعض الدول، ومن الواضح أن هذا يصب في مصلحة الدول الأجنبية والتجار على حساب خزينة الدولة، ولا بد من إعادة النظر في هذه الاتفاقات.
6- منذ تأسيس لبنان، وبإشراف كبار التجار تم اعتماد الاقتصاد الريعي، ونصت القوانين التي تخدم هذه الفئة، ولذلك يجب اصلاح القوانين وتشجيع الصناعة والزراعة ووقف كافة أشكال الوكالات الحصرية التي تمثل أبشع وجوه الاحتكار والاستغلال في الأنظمة الرأسمالية المتفلّتة.
7- إيجاد حل نهائي لمشكلة الكهرباء عبر بناء المعامل أو تخصيص هذا القطاع ووضع حد لاستنزاف الخزينة.
8- ضبط ومنع التهرب الضريبي الداخلي، وكذلك عبر الموانئ والمعابر البرية، فإن الفساد المستشري يحرم الدولة من مبالغ طائلة، وكذلك يجب ايجاد حل لمخالفات البناء بالتسوية أو الهدم، فإن ترك الامور كما هي عليه يحرم الخزينة من أموال إضافية، وكذلك يجب فرض ضريبة على الشقق الخالية.
9- تركيز الدولة على الاستثمار في القطاعات والمشاريع المنتجة، فالسكك الحديدية وقطار الأنفاق والطرق المدفوعة والاتصالات والكهرباء وتشجيع الاستثمار الأجنبي وتكرير النفط وإنتاج الغاز والبترول وغيرها من المواد الخام، ويقدّر مخزون الحمّر في منطقة حاصبيا على سبيل المثال بعشرة مليار دولار.
10- لن ينجح اي اجراء مالي إذا بقي الفساد الإداري على حاله، ولهذا يجب تفعيل اجهزة الرقابة وإطلاق يد القضاء ورفع الغطاء عن السماسرة والفاسدين وهذا بالطبع يتطلب من الجميع النظر إلى لبنان كوطن يتساوى فيه جميع المواطنين، وليس فيدرالية يتقدم فيها الانتماء الطائفي على الكفاءة أو يشكل غطاءً للفساد وسرقة المال العام.
نعم، يمكن إنقاذ الوضع المالي من الانهيار والإفلاس دون اللجوء إلى خفض الرواتب والأجور أو انهيار سعر صرف الليرة، هذا إذا توافرت الإرادة والنيات السليمة والكفاءة لدى من هم في مواقع القرار.