تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
العدو الإسرائيلي على حدودنا الجنوبية مع فلسطين المحتلة يحفر الصخر بحثا عن أنفاق توهَّم وجودها، ويحرض ضد لبنان، موظِّفا دبلوماسية معروفة دوافعها وأسبابها، وفي الداخل نتابع وقائع الاتصالات العقيمة في محاولات أكثر عقما لحل عقدة توزير أحد نواب السنة الستة.
العدو يخطط ويراوغ، أما نحن فغير قادرين على محاسبة من تخطى الدولة وتغاضى عن تحذيرات "نقابة المهندسين في بيروت"، ولم يصغ لأصوات البيئيين والناشطين المدافعين عن آخر شاطىء في العاصمة، إلى أن انفجر مجرور الرملة البيضاء وأغرق بعض الشوارع.
في زيارة لأصدقاء في مدينة بنت جبيل الجنوبية قبل نحو أسبوع، استمعنا لشرح أحد الأطفال وهو يشير ليلا من على شرفة المنزل إلى بلدة مارون الراس القريبة والتلال المجاورة، ولما سألناه، أين تقع المناطق المحتلة، أجاب بعفوية، كل المناطق المضاءة "هيدي إسرائيل... والمعتمة فيها أضواء قليلة جدا هيدي لبنان".
مع ما ذكره هذا الطفل الطري العود نعرفه، عايناه نهارا في جولة على المنطقة، فشاهدنا بساتين خضراء مترامية الأطراف، وأشجارا متسقة نضرة في مقابل مناطق تكاد تكون قاحلة جرداء، هذا الحد الفاصل بين ما نحن عليه من قحط وإهمال وبين عدو ينعم بخيرات أرض -سلبها من أهلها الحقيقيين - وبكهرباء لا تنقطع، نتأكد كم نحن محكومين بالفوضى والعتم والفساد ونكاد نخسر الزراعة في ظل غياب الدعم ورعاية قطاع منتج يعتاش منه آلاف اللبنانيين.
لا يتسع المجال للمقارنة في قطاعات أخرى كالصناعة والعلوم والأبحاث وغيرها، لكن كل ذلك يفترض منا كلبنانيين مقاربات أخرى، أهمها أن المقاومة ليست بالسلاح فحسب، ولا يمكن أن تكون محصورة بالقوة العسكرية والعزيمة والتضحية والاستعداد للشهادة ذودا عن حق وأرض، وبمعنى آخر لا يمكن أن نرعب عدونا بما نملك من قدرات نارية في مواجهة أي عدوان محتمل.
اليد على الزناد صحيح، وإسرائيل ما عادت "فزاعة"، أيضا صحيح، لكن المقاومة هي فعل نضال يومي يطاول كافة مرافق وقطاعات الحياة، فالتصدي لأزمة النفايات مقاومة، ومواجهة أسباب الفساد مقاومة، العلم والثقافة والمعرفة مقاومة، الفن مقاومة، وحدة لبنان دولة وشعبا ومؤسسات مقاومة، مواجهة الفقر والبطالة وتحفيز الاستثمارات المالية وتطوير قطاعات إنتاجية جميعها شكل من أشكال المقاومة المطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى.
والتحدي الأكبر أن نكون مقاومين على خط تشكيل الحكومة، كي لا يدهمنا الوقت ونغدو تائهين في عالم يتطور ويسير بخطى ثابتة نحو المستقبل، فيما عدونا الأساس الرابض على تخوم لبنان الحلم، يسبقنا في مسارات التنمية ونحن نتلهى بترهات الأمور، ولن نتمكن من بناء دولة عصرية إلا ساعة ندرك أن مقاومة الاحتلال توازي مقاومة الفساد!