تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
في دردشة مع أحد كبار المصرفيين في لبنان، لم نتلمس أجواء تفاؤل حيال الواقع الاقتصادي والمالي برمته، ولا ما يطمئن بأن لبنان في منأى عن تبعات ونتائج كارثية لن يكون قادرا على مواجهتها في ما لو استمرت الأوضاع السياسية على ما هي عليه، خصوصا مع استمرار تعثر ولادة الحكومة ، على الأقل لإشاعة جو إيجابي يعزز الأمل بإمكانية تجاوز ما ينتظرنا في السياسة والاقتصاد في آن، خصوصا وأن كليهما غير منفصلين، ذلك أن لا اقتصاد يمكن أن ينمو ويزدهر بمعزل عن ظروف سياسية مؤاتية، أقلها اضطلاع الدولة في مهامها وإنجاز ما ينتظرها من استحقاقات.
وما يثير المخاوف بداهةً، أن ما سمعناه خلال هذه الدردشة لا يمكن الإفصاح عنه، ليس لأن المجالس بالأمانات فحسب، وإنما من موقع عدم مراكمة الخوف لدى المواطنين، وكي لا تتبدد آخر فسحة أمل متبقية في ظل أزمات السياسية المعطلة لدورة الحياة الطبيعية في البلاد، لكن في مكان ما، يصبح التحذير واجب، كي لا ننحدر إلى قاع سحيق لا يعود بالإمكان الخروج منه إلا عبر "معجزة".
وبحسب المصرفي الذي بدا متذمرا، فإن السياسيين يدركون لحقيقة الوضع، لكنهم مضطرون إلى عدم بث الخوف وإشاعة حالة من عدم الاطمئنان، غير أنهم يراهنون على معطيات في السياسة، أقلها ضبط إيقاع الساحة الداخلية بعيدا من الصراعات الماثلة على أكثر من محور، وبشكل خاص ما هو متعلق بالاستحقاق الحكومي، وهنا، لا يمكن اعتبار أن الوضع العام ميؤوس منه، فثمة دائما بارقة أمل، وإن يبدو حال البلد اليوم محكوما بسقوف مرتفعة على مستوى الخطاب السياسي المتشنج في أحيان كثيرة.
ومن هنا، فإن المطلوب في هذه اللحظة القاتمة أن تتشكل الحكومة كمدخل يتيح إمكانية التصدي للفساد وتحصين الإدارة على مستوى الدولة، وإطلاق مبادرات سياسية تردم الهوة بين سائر القوى السياسية، ويكون سقف الخطاب السياسي محكوما بلغة العقل عبر إيجاد فسحة من الحوار السلس الهادىء، بالتوازي مع السعي لطمأنة المستثمرين، ولا سيما من دول الخليج.
نعم، الاقتصاد في خطر، لكن تبقى الحلول ممكنة، والمطلوب أكثر من أي وقت مضى السعي لإيجاد مسافة بين لبنان وسائر دول المنطقة، بعيدا من العداء الصريح، ودون الانخراط أيضا في محاور أكبر من واقع لبنان وظروفه وواقعه المأزوم، وبذلك نحمي الاقتصاد ونصون الاستقرار ونبني لحاضر ومستقبل!