تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ما أشارت إليه النيابة العامة السعودية اليوم من أن نائب رئيس الاستخبارات السابق أمر "قائد المهمة" بإعادة المواطن جمال خاشقجي يوم 20 أيلول (سبتمبر) 2018، بالاقناع أولا، ثم بالقوة إن لم يستجب، زاد الطين بِلة، على الأقل في ردود الفعل الدولية التي جاءت سريعة غير مقتنعة بالرواية السعودية الجديدة، وأهمها ما جاء على لسان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من أن بلاده ستعمل كل ما يجب لكشف ملابسات مقتل خاشقجي بكل تفاصيله، وإن التحقيق الدولي في القضية بات شرطا، وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان النيابة العامة السعودية نتائج تحقيقاتها في القضية.
وما هو مستغرب، وفق الرواية السعودية ، أن "قائد المهمة" شكّل فريقا من 15 شخصا لتنفيذ ما أوكل إليه، ووزعهم على ثلاث مجموعات تفاوضية واستخباراتية ولوجستية، وتواصل مع أخصائي في الأدلة الجنائية "لمسح الآثار الحيوية المترتبة عن العملية في حال تطلب الأمر إعادته بالقوة وتم ذلك بشكل فردي دون إعلام مرجع الأخصائي المشار إليه"، وتوصلت النيابة السعودية إلى أن "رئيس مجموعة التفاوض أدرك، داخل القنصلية، تعذر نقل المواطن المطلوب بالقوة إلى مكان الاحتجاز بعد فشل التفاوض معه، فقرر قتله".
إذا أخذنا في الاعتبار رد الفعل السعودي الأول من أن خاشقجي دخل وغادر مقر القنصلية في إسطنبول، وتحميل المسؤولية إلى مجموعة "مارقة"، ومن ثم الاعتراف بوقوع الجريمة بعد "شجار"، وتسليم الجثة إلى متعاون محلي (تركي)، وبعدها أن العملية دبرت دون علم السلطات السعودية العليا، واليوم ما أشارت إليه النيابة العامة السعودية من أن الجريمة نفذت بعد "عراك وشجار وتقييد وحقن المواطن المقصود بإبرة مخدرة بجرعة زائدة أدت إلى وفاته"، نصل إلى استنتاج يفضي إلى أن الإرباك سيد الموقف.
نتناول بالتحليل ما يتم التدوال به على فضائيات العالم، مع حرص مسبق وأكيد على موقع المملكة العربية المتحدة، ودون الإفتئات على دورها في لبنان، لكن نحن إزاء جريمة موصوفة لم تعد مفاعيلها مقتصرة لا على المملكة ولا على تركيا فحسب، وإنما تحولت قضية دولية بكل ما للكلمة من معنى.
وهنا، جاءت الرواية السعودية الجديدة مفتقرة لمصداقية في الوقائع الجرمية، ومحاولة لم تدنُ من معقولية حدوثها وفق ما جاء في سيناريو النيابة العامة، وبالتأكيد ستكون هناك ردود فعل أوسع في الساعات المقبلة، ما يشي بأن الجريمة لا يمكن تمريرها وفقا لتصور المملكة، وكل المعطيات تنبىء بأن الأمور ذاهبة نحو المزيد من التصعيد، وربما التدويل!