تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
تكريس الإنقسام بين اللبنانيين حاجة إقليمية، الكل يريدها ويسعى إليها، وما آلت إليه التطورات الأخيرة مع أزمة تمثيل النواب السنة في الحكومة، يصب في هذا الاتجاه، ويؤكد ما كان متواريا خلف كواليس التأليف، ولا يمكن إلى الآن استيعاب كيف أن إيصال وزير دولة إلى الحكومة يستدعي كل هذا الضجيج، مع تعطيل استحقاق عنوانه "حكومة وفاق وطني"، ولا نقول هذا الكلام افتئاتا على حق النواب السنة "المستقلين"، وكنا نتوقع أن يبادر هؤلاء للتضحية لما فيه مصلحة البلد لا أن يكونوا وقودا في حروب سياسية داخلية.
وإذا كان المسيحيون شعروا بالغبن في الانتخابات التي خيضت بالقانون الأكثري، وتمكنوا في "النسبي" و"التفضلي" من تغيير الخارطة السياسية لصالح حضور أكبر لـ " التيار الوطني الحر " و" القوات اللبنانية "، فمثل هذا الأمر يفترض مقاربته سنيا أيضا، فهل كان المرشحون السنة في دوائر الجنوب والبقاع الشمالي أن يصلوا إلى الندوة النيابية لو لم يتسلقوا لوائح السلطة؟ ولأن الحال كذلك، فهم لا يمثلون حيثية سنية، وبات معلوما أن قانون الانتخابات الأخير لم يأت في صالح "تيار المستقبل" لأسباب لا يتسع المجال لذكرها الآن، ما يؤكد في حدود كبيرة أن "توازنات" ما بعد الانتخابات تظل في حدود بعيدة ملتبسة، فضلا عن أن المستقلين من المجتمع المدني والقوى العلمانية حققوا نسبا عالية من الأصوات كان يمكن أن تكسر التوازنات القائمة في ما لو خيضت الانتخابات على قاعدة لبنان دائرة انتخابية واحدة.
لا تمثيل حقيقيا في لبنان في حضور "نواب المحادل"، أولئك من تسلقوا حافلات الطوائف ولوائحها، وبالعودة إلى كلمة الأمين العام لـ " حزب الله " السيد حسن نصرالله، لا بد وأن نتوقف عند مسألة مهمة، فالحزب منخرط في السياسة المحلية من موقع حضوره الإقليمي، ولا يمكن أن تكون ثمة توازنات حقيقية في وقت تتخطى فيه إمكانيات الحزب ما لدى الجيش اللبناني عدةً وعديدا، والسلاح في مكان ما حاضر في معادلات السياسة، وليس بالضرورة استخدامه في الداخل، بغض النظر عن أحداث 7 أيار 2008.
لقد استحضر السيد نصرالله خوف اللبنانيين بدلا من طمأنتهم، فالأقوى مطلوب منه أن يستوعب الجميع، أن يبدد مخاوفهم، لا أن يوقظ فيهم ما يبقي الخوف ماثلا لدى كل الطوائف وسائر المكونات السياسية اللبنانية، فالمقاصد النبيلة من امتلاك السلاح لمواجهة إسرائيل لا خلاف عليها، لكن شريطة ألا يكون سلاح المقاومة موجها إلى اللبنانيين في السياسة وربما أبعد!