تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– قسم الشؤون الاقتصادية
لم يعد الانهيار الاقتصادي مسألة خاضعة للنقاش، وما عادت تجدي التطمينات، فالمطلوب وسط هذه الظروف والأوضاع الصعبة سياسيا واقتصاديا أن تنصب الجهود وتتكثف من أجل مواجهة تبعات مثل هذا الانهيار ونتائجه، وسط تحذيرات أطلقتها جهات دولية اعتبرت أنه إذا لم يشهد لبنان إجراءات سريعة لتدراك الأسوأ، فربما يصبح الإنهيار مسألة وقت، يقصر أو يطول، فهذا لن يغير في الأمر شيئا، بحيث نكون أمام ما هو أعظم وأخطر وأدهى.
ومكمن الخوف راهنا ومستقلا، ألا يكون في مقدور لبنان الالتزام سريعاً بما ورد في مؤتمر "سيدر"، إذ تعهد المانحون الدوليون خلال اجتماع في باريس باستثمارات تتجاوز 11 مليار دولار، لكنهم طالبوا بمعطيات ملموسة لجهة تطبيق إصلاحات اقتصادية أولا، وفي ذلك الاجتماع تعهد رئيس الحكومة سعد الحريري بخفض العجز بنسبة خمسة بالمئة على مدى خمس سنوات، في وقت تشير فيه النتائج المالية عن الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية بأن العجز المالي تدهور أكثر مما كان متوقعا، واتخذ منحى تصاعديا وسط ركود اقتصادي، وتضخّم في الأسعار مع ارتفاع جنوني في أسعار الفائدة.
وما هو أخطر، ما حذر منه تقرير لــ "البنك الدولي" الأسبوع الماضي، توقع فيه أن يرتفع الدين الحكومي على نحو تتعذر خدمته نحو 155 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الجاري (2018).
وإذا ما نظرنا إلى ملخص الوضع المالي عن الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية، الصادر عن وزارة المال، فقد كشفت النتائج عن تضاعف العجز المالي في هذه الفترة أكثر من ثلاث مرات. ففي حزيران (يونيو) 2017 كان العجز 1368 مليار ليرة، ثم ارتفع في حزيران (يونيو) 2018 إلى 4577 مليار ليرة، أي بزيادة قيمتها 3208 مليارات ليرة ونسبتها 234.5 بالمئة، وتبين أن تدهور العجز سببه زيادة النفقات وتراجع في الإيرادات، فالنفقات زادت بنسبة 28.8 بالمئة أو ما قيمته 3029 مليار ليرة لتبلغ 13533 مليار ليرة في نهاية حزيران (يونيو) 2018 مقارنة مع 10503 مليارات ليرة في الفترة نفسها من السنة الماضية.
أما الإيرادات، فقد تقلصت بنسبة 1.97 بالمئة على الرغم من أن تقديرات وزارة المال كانت تشير إلى أن الضرائب التي أقرّت في أيلول (سبتمبر) الماضي من أجل تمويل سلسلة الرتب والرواتب سترفع الإيرادات بقيمة 1800 مليار ليرة، غير أن الواقع خالف التوقعات، ذلك أن الإيرادات تراجعت من 9135 مليار ليرة في حزيران (يونيو) 2017 إلى 8955 مليار ليرة في حزيران (يونيو) 2018.
وفي سياق متصل، قال النائب الثاني لحاكم مصرف لبنان المركزي الدكتور سعد عنداري إن لبنان فشل في تبني خطوات لخفض العجز الهائل في الميزانية والدين العام في الوقت الذي يجد فيه قادته صعوبة في تشكيل حكومة، وقال سعد خلال مؤتمر في أبوظبي إن الانضباط المالي لم يبدأ كما كان مأمولا، مضيفا أن الجمود السياسي عطل العملية.
ما هو مؤكد أن هامش المعالجة بدأ يضيق، فهل يتمكن لبنان من المضي قدما في اتجاه تشكيل الحكومة والبدء عمليا في استدراك الأخطار الاقتصادية المقبلة؟ هذا السؤال يستحضر سؤالا آخر، إما الحكومة أو الانهيار؟