تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
إذا ما نظرنا إلى عملية تأليف الحكومة ومساراتها على خطوط الطوائف والمذاهب والقوى السياسية، وكيف أن الكل كان على استعداد للتعطيل على قاعدة "ومن بعدي الطوفان"، يمكن أن نفهم موقف "حزب الله" الأخير المتبني دعم توزير أحد النواب السنة المعارضين، ويمكن أن نستوعب أيضا مواقف سائر القوى، بحيث تساوى الجميع في رفع السقوف، ولم نجد فريقا واحدا استطاع تجسيد شعار الوحدة الوطنية بغير عين مصالحه، وتم نحر هذه "الوحدة" على مذبح المصالح، وهذا ما شهدناه منذ لحظة التكليف، وما نشهد اليوم مع استحضار عقدة تمثيل النواب السنة غير منفصل عن مسار عام يمثل بعض تجليات المحاصصة بأبشع وأخطر مظاهرها.
وما هو في حكم المؤكد أن أحدا ليس في وارد تسهيل مهمة الرئيس المكلف، والعقدة الماثلة الآن يخطىء من يحاول توصيفها على أنها مرتبطة بأحقية تمثيل سنة المعارضة في الحكومة، وهي لم تبدأ ولم تستمر باعتبارها عقدة سنية، كونها مرتبطة منذ البداية بتوازنات داخلية وبرؤية "حزب الله" لشكل الحكومة، وتُقرأ في السياسة من زاوية واحدة، وكأن "الحزب" يريد أن يقول أن ثمة واقعا جديدا في المنطقة مع انحسار "المشروع الصهيو – أميركي" ويضم بين ظهرانيه المملكة العربي السعودية والإمارات العربية المتحدة وبعض دول الخليج، أفضى إلى انتصار محور الممانعة بثالوثه الروسي – الإيراني – السوري، خصوصا وأن "حزب الله" يتخطى حضوره الساحة المحلية بعد أن تحول لاعبا أساسيا في هذا المحور.
وإذا ما أعدنا قراءة المستجدات الأخيرة، نتبين أن النواب السنة ليسوا أكثر من بيادق، ولا نتبنى هنا، أحقية تمثيلهم من عدمه، فأحيانا لا يمكن قياس وضبط الأمور بمعادلات حسابية، وإنما بمعادلات المنطق والعقل، وهي تفرض الآن أن تشكل الحكومة بما يعيد التوازن إلى الساحة الداخلية، لتتفرغ الحكومة المقبلة إلى ما ينتظرها من استحقاقات اقتصادية ومالية، خصوصا وأن التحذيرات من انهيار اقتصادي وشيك لم تعد موضع خلاف.
وما هو قائم اليوم، لا يمكن توصيفه بغير عقدة "حزب الله" السنية، وإذا كان الحزب لا يخطىء في استشراف الأخطار على لبنان من خاصرة الصراع الإسرائيلي، وهو المتأهب دائما للذود عن لبنان متبنيا سياسة توازن الرعب، إلا أنه هذه المرة لم يستشرف أخطارا تواجه لبنان باقتصاده ومستقبله!