تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
- * " فادي غانم "
لا يُـحسد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تركة الفساد الثقيلة، مع ما يرافقها من تراجع قِـــيَمـِـي وأخلاقي، وما يعيشه لبنان اليوم يرسخ هذه القناعة، فالأزمات الماثلة والمستمرة من عهود سبقت وحكومات مضت، تتطلب إِعمالَ مبضع الجراح في جسد الدولة الواهن، فما عاد يجدي العلاج بالمسكنات، وإلا ثمة كثيرون سيصطادون بالماء العكر، لإلصاق الفشل في مقاربة كل أزماتنا المستمرة منذ ثلاثة عقود بالعهد، وإظهاره عاجزا مكبلا، وفي مكان ما متقاعسا، علما أن ذلك يجافي الواقع ويجانب الحقيقة.
في المقابل، لا يمكن للعهد أن يجتث الفساد دون إجماع وطني يمهد السبيل إلى اتخاذ خطوات حاسمة، ما يتطلب عدم تغطية الفاسدين والمفسدين من جهة، ووقف الضغوط على القضاء من جهة ثانية، وبهذا المعنى يصبح موضوع الفساد سياسيا بامتياز، وهو كذلك، ويظل الأهم في هذا المجال متمثلا ليس فيما نعيش من تبعات الفساد، وإنما فيمن يغطي ويدعم المخالفات ويستبيح القوانين ولا يقيم اعتبارا للدولة بسائر إداراتها ومؤسساتها المفترض أن تكون ناظمة لسائر القضايا، لا أن تكون في موقع العاجز حينا والمتفرج أحيانا.
لا يمكن المضي قدما في محاربة الفساد فيما هناك دائما من هم فوق الدولة، لا يقيمون اعتبارا للأنظمة والقوانين، لا بل يوظفون مواقعهم في تغطية الفاسدين وحمايتهم، وحين يغيب القانون وتُعطل مفاعيله، فذلك يعني ضمنا إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، لا بل أبعد من ذلك، فترك الأمور على غاربها يعني تشجيع من استباحوا هيبة الدولة على التمادي أكثر في غيّهم وفسادهم، خصوصا وأن ثمة "ثقافة" متجذرة في مجتمعنا، فمن يتخطى القوانين ويمارس التحايل على الأنظمة يعد ذلك نوعا من "الذكاء" ويفاخر به، ومن هنا فإن الإصلاح أعقد وأعمق من طرحه دون آليات صريحة ومحددة وحاسمة تجعله قابلا للتحقيق.
نحن مع العهد، كنا وما نزال، وفي ما نطرح من هواجس يندرج في سياق الحرص على إنجاح مسيرته، لأن فيها خلاص لبنان من أزماته وأمراضه، ومن هنا نرى أن محاربة الفساد تتطلب تبني مسارات عدة، أهمها يتمثل في كون الفساد الأخطر هو الحاضر في السياسة، أي عندما يغطي المسؤولون والنواب والوزراء من ارتكبوا مخالفات وموبقات، وهنا لا يمكن اعتبار الفساد حالة فردية عابرة، وإنما هي نتاج غير منفصل تاريخيا عن السياسة في لبنان، ونعلم أن المهمة صعبة، لكن يجب البدء من مكان.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"