تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
يبقى القطاع المصرفي في لبنان أحد الحصون الاقتصادية المنيعة، أو الملاذ الأخير في مواجهة أزماتنا الحاضرة فيما نشهد من ركود طاول مختلف القطاعات الانتاجية، وفي ما قد نواجه من تحديات أكبر مستقبلا، خصوصا إذا ما استمرت الأوضاع السياسية ضاغطة تحول دون توفير الأرضية الصالحة لجذب استثمارات جديدة، تحرك على الأقل قطاعي السياحة والخدمات، وفي حدود معينة قطاع العقارات.
من هنا، نتبين الأهمية الاستثنائية لهذا القطاع، كما أنه لا يمكن القفز فوق الدور الذي اضطلع به مصرف لبنان وما يزال، ولا ننسى كيف أنه بسياسته الرشيدة أبقى لبنان عموما والمصارف اللبنانية بوجه خاص في منأى عن تداعيات الأزمة المالية العالمية (2007-2008)، من خلال تفعيل دور السلطات النقدية والرقابية، فضلا عن مكافحة الجرائم المالية والإرهاب والحدّ من التهرب الضريبي.
كما لا يمكن القفز أيضا فوق ما بذلته المصارف نفسها، ولا سيما عبر "جمعية مصارف لبنان" ورئيسها جوزيف طربيه ، وهذا ما تجلى في تمتّع المصارف اللبنانية بدرجة عالية من الملاءة والسيولة، يقابلها انفتاح على الخارج، خصوصا وأن هذه المصارف أكدت حضورا متميزا في الدول العربية من الخليج إلى شمال أفريقيا، وهذا إن دل على شيء فعلى الثقة التي اكتسبتها المصارف عربيا ودوليا، خصوصا في ما يتعلق بمساهمتها الكبيرة في تمويل الإقتصاد المحلي وكذلك الاغتراب اللبناني.
كما أن ثمة دورا لجمعية المصارف في توفير السبل الأنجع لتفعيل التواصل مع أهمّ المراجع والهيئات المالية والمصرفية في كبرى العواصم الدولية، فضلا عن أن كل ذلك يتم منذ سنوات عدة في ظل واقع واقع اقتصادي ضاغط، وهنا، لم يطرح أحد من قبل كيف يمكن أن نوفر للمصارف الفرص لتعزيز حضورها أكثر، وهذا ما يتطلب كحد أدنى تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، بما يمكنها من الانطلاق نحو تبني إصلاحات تعزز النمو، وتنفيذ برنامج استثمار في البنى التحتية بشكل تدريجي كما تمّ تقديمه في مؤتمر "سيدر" في باريس قبل بضعة أشهر.
في زمن الحرب ظل القطاع المصرفي متمتعا بمناعة أبقته بعيدا من كوارث وأزمات، وفي زمن السلم شكل رافعة اقتصادية ساعدت في نهوض لبنان من عثراته، أما اليوم، فالمطلوب أن يدعم لبنان السياسي القطاع الذي وفر للبنان فسحة أمان اقتصادي ومالي ما نزال نعول عليها لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، ما يتطلب كحد أدنى تخطي أزماتنا السياسية، وهذا دين على أهل السلطة تجاه هذا القطاع الذي ما ضن على لبنان بما أبقاه صامدا في وجه الأنواء في أحلك الظروف وأصعبها.