تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
من يزين لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون واقعا قد يوصل لبنان إلى التهلكة؟ ومن يصور له أننا مستهدفون بالشائعات ويُسقط الأسباب الحقيقية لأزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟ ومن يستسهل مقاربة إخفاقات السياسة وأبرزها "مصادرة" تشكيل الحكومة بشائعة؟ وهل ما أشار إليه الرئيس بري وأكد عليه اليوم من أن ثمة خطورة على الوضع الاقتصادي في البلاد "استنادا الى الواقع والوقائع التي يملكها" هو إشاعة أيضا؟
مرة جديدة يتحدث الرئيس عون عن أن الشائعات هي سبب الكثير من أزماتنا، وآخرها ما أشار إليه اليوم أمام وفد من "جامعة سيدة اللويزة "، من أن "الشائعات حاليا تغزو الإعلام والمجتمع، وهي هدامة وتضرب بالعمق المجتمعات والثقة بين الشعب والمسؤولين والادارة، فنجد أنفسنا امام أزمات لا سبب لها".
يواجه رئيس البلاد ضغوطا يومية ومتابعات أبعد بكثير من تفاصيل الحياة اليومية للبنانيين، ما يفترض أن يضعه المستشارون والمقربون في الأجواء الحقيقية الصعبة التي يمر بها لبنان، وإذا سلمنا جدلا أن هناك شائعات فعلا، فهل ثمة "دخان من دون نار"؟ ومن ثم هل فقد اللبنانيون القدرة على التحليل والاستنتاج ليصدقوا "شائعة مارقة" و"رواية مدسوسة"؟ أوليس الوجع هو الذي يقودهم إلى الشكوى والتذمر وإطلاق الصرخة تلو الأخرى عبر منصات التواصل الاجتماعي؟
كان من الأجدى بالنسبة إلى المقربين من فخامة الرئيس أن يضعوه في أجواء معاناة الناس اليومية، فروائح الصرف الصحي و النفايات اليوم عند المدخل الشرقي لبيروت ليس شائعة، وعدم قدرة اللبنانيين على تأمين حد أدنى من متطلبات الحياة لا يمكن تصويره على أنه شائعة، فماذا عن هجرة الشباب؟ وماذا أيضا عن استمرار الفساد؟ وأين فرص العمل والحد من مفاعيل البطالة؟ وماذا فعلت الحكومة والسلطات المعنية لمواجهة أزمة نفايات ستغرق بيروت والمناطق بأكوام من النفايات؟ وأي خطة أعدت في هذا المجال غير ما أقره مجلس النواب وهو فضيحة تمهد لفوضى في هذا الملف تمرر من خلالها محارق الموت؟ و ...؟
في هذه اللحظة، المطلوب أن يكون الجميع إلى جانب الرئيس عون، بتسهيل تشكيل الحكومة ، بملاقاة هموم المواطنين وهم يصرخون من ألم ومعاناة، والمطلوب أن نبتعد عن نظرية الشائعات التي تذكرنا بنظرية المؤامرة التي تبناها العرب ليبرروا عجزهم بعد أن خسروا فلسطين والجولان.
حيال كل ذلك، نعم ثمة شائعات، وأخطرها تلك التي تستهدف العهد وتستنزف الطاقات في التعطيل والمماطلة وعدم الانخراط سريعا في معالجة أوضاعنا الداخلية بحكومة جامعة تحصن الاقتصاد وتوفر فسحة أمان اجتماعي.