تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
خطوة مهمة أنجزها " التيار الوطني الحر " بالأمس، تمثلت في إجراء انتخابات داخلية في مشهد لم نعتد عليه في لبنان، حيث غالبا ما تكون إرادة القواعد الحزبية مغيبة وسط هرجِ وصخب المواقف وفوضى الانتماء المحكوم فقط برؤية الزعيم، القائد والملهِم، صاحب الامتياز في مصادرة واستلاب العقول وسوق الجمهور عند حدود تطلعاته، لاغيا حق الاعتراض من جهة وقاطعا الطريق على تصويب مسارات على مستوى السياسات العامة من جهة ثانية.
إبان الحرب الأهلية، وبتوجه من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ، جرت انتخابات عامة لاختيار مجلس قيادة الحزب في "مجمع الشوف السياحي" في بعقلين، ولم ترض النتائج جنبلاط مع دخول قيادات لم يتقبل وجودها في مواقع قيادية، فما كان منه إلا أن ألغي نتائج الانتجابات قاطعا الطريق على من وصلوا بالانتخاب إلى مواقع المسؤولية، وهذا مثال على أن الديموقراطية لا يمكن أن تعم وسط هالة الزعيم وحضوره الطاغي.
من هنا، أهمية ما حققه "التيار" يتمثل في أنه أول حزب سياسي في السلطة يبادر إلى استفتاء جمهوره بالانتخاب عبر تفعيل العملية الديموقراطية على مستوى القواعد والقيادات الوسطية في المناطق، وهذا مؤشر إيجابي لكن دون أن تكون لهذه الانتخابات مفاعيل أكبر، بحيث تظل في حدود لا يمكن القفز فوقها، خصوصا لجهة تحديد قيادات الصف الأول، لاعتبارات لا تقلل من أهمية هذا الاستحقاق الذي أضفى في حدود كبيرة حيوية أكثر ما نحتاجها لتجديد الحياة السياسية في لبنان، كي لا يكون استيلاد قيادات جديدة خاضعا لمعيار الانتقاء الفوقي.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن "الحزب الشيوعي اللبناني" كرس في مؤتمراته الوطنية الأطر الديموقراطية وصولا إلى انتخاب الأمين العام، وهذه تجربة ما تزال الأحزاب غير العلمانية تخاف من تبعاتها وارتداداتها، وهنا اتسمت انتخابات "التيار" بالجرأة، وهذا ما يحسب لرئيس التيار الوزير جبران باسيل، وبالتأكيد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحكم حضوره وموقعه التاريخي كمؤسس للتيار.
وكان باسيل واضحا بالأمس حين أكد أن "هناك تنافسا بين أناس مختلفين بتوجهاتهم، بأساليبهم، بآرائهم الداخلية، وهذا لا يسمى انقساما، بل هو غنى وتنوع داخل التيار، كما هو الحال في لبنان".
تبقى الإشارة إلى أن هذا الاستحقاق يظل برسم كافة الأحزاب والقوى السياسية من مختلف الاتجاهات والمشارب، في السلطة وخارجها، علها تتعلم من "التيار"، وألا تكون ممارستها للديموقراطية شكلية لا قيمة ولا معنى لها، على أمل أن تصل الأحزاب يوما إلى اختيار مرشحيها إلى الانتخابات النيابية بالانتخاب ليكون للمنتسبين رأي في ممارسة ديموقراطية سليمة.