تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
عندما يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه "غير راض" عن الرواية السعودية القائلة أن الصحفي جمال خاشقجي قتل بعد "شجار بالأيدي" في القنصلية السعودية في اسطنبول، فذلك يعني أن الإخراج سيء، وتاليا المطلوب أكثر لضمان دعم المملكة وسط حملة أوروبية ضاغطة لمعرفة الحقيقة، تتقاطع مع كبار المسؤولين في الولايات المتحدة بمن فيهم بعض المقربين من ترامب، باستثناء صهره ومستشاره جاريد كوشنر الذي ما فتىء يسعى لإقناعه بمساندة ولي العهد محمد بن سلمان من باب أن "الفضيحة" ستمر في نهاية المطاف.
إذا ما تتبعنا مسار التطورات في هذه القضية، نجد أن مواقف ترامب تتغير تبعا لما يستجد من معطيات، وحتى الآن ليس ثمة رواية مقنعة، فالسعودية تواكب ما يسرب الأتراك من معلومات وترد عبر إعداد سيناريو جديد، وهذا ما حصل منذ اليوم الأول لوقوع الجريمة، ففي البداية كانت ثمة محاولة لتضليل الرأي العام، عندما أكدت الرواية الرسمية أن خاشقجي دخل القنصلية وغادرها، ومع بروز معطيات جديدة لدى المحققين الأتراك، توازيا مع اتساع الضغط الدولي على الرياض، جاء اعتراف رسمي يقول أن خاشقجي قتل عن طريق الخطأ، وما شهدنا من تطورات وصولا إلى التضحية بكبار المسؤولين السعوديين ولا سيما في جهاز المخابرات، بدا أن المطلوب سعوديا عدم الاقتراب من الدائرة الضيقة لولي العهد.
في هذا السياق تم اليوم تسريب "نسخة" جديدة من الرواية الرسمية، عبر مصدر رفض الكشف عن اسمه، وهذه بدعة يُراد منها الإيحاء للرأي العام أن الأمر جلل، وتسريبه يعني أنه مسورٌ بهالة من "الحقيقة"، وبحسب هذا المصدر، فإن الحكومة السعودية أرادت إقناع خاشقجي، الذي انتقل للإقامة في واشنطن قبل عام خوفا من الانتقام بسبب آرائه، بالعودة إلى المملكة كجزء من حملة للحيلولة دون تجنيد أعداء البلاد للمعارضين السعوديين، مضيفا أنه من أجل ذلك شكل نائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري فريقا من 15 فردا من الاستخبارات والأمن للذهاب إلى اسطنبول ومقابلة خاشقجي في القنصلية ومحاولة إقناعه بالعودة، مؤكدا أن هناك أمرا دائما بالتفاوض على عودة المعارضين بطريقة سلمية مضيفا أن "أمر العمليات يمنحهم سلطة التصرف دون الرجوع للقيادة".
هنا بيت القصيد "دون الرجوع للقيادة"، وهذه "مزحة" قابلها الرأي العالم الدولي بكثير من الاستهجان، وبانتظار الرد التركي بمعطيات جديدة حول مسار التحقيقات ستكون ثمة رواية جديدة، وهذا ما يؤكد أن الإرباك سيظل مخيما على المملكة إلى أن تتبلور قناعة بأن هذه الجريمة أو دماء خاشقجي وضعت السعودية أمام منعطف تاريخي لا يمكن معه إلا إجراء إصلاحات تطاول الدائرة الصغيرة والمغلقة للعائلة المالكة.