تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
لا تطلق التمنيات في بعض الأرياف اللبنانية إلا مشفوعةً بعبارة إن شاء الله" أو "إن الله راد"، لاعتقاد سائد وهو أن الإنسان لا يملك غده ولا قدره، ولذا تظل هذه العبارة حاضرة في يوميات اللبنانيين وأدبياتهم كلازمة غير منفصلة عن إرث وتقليد فيه الكثير من الإيمان، كأن يقال "نلتقي غدا إن الله راد"، وإذا سألت أحدهم: هل ستأتي لحضور اجتماع؟ فيجيب "إن شاء الله".
لكن ثمة رواية في الموروث الشعبي يتناقلها الأحفاد عن الأجداد تواترا، وتقول أن الدجاج كان في سحيق الزمن يطير ويحلق، إلى أن قرر الطيور مجتمعين الذهاب في رحلة إلى مكان اختاروه لتمضية الوقت، وبعد أن اتفقوا على تفاصيل الرحلة قال بعضهم "إن شاء الله" نذهب غدا، لكن جماعة الدجاج انتفضت وقالت دجاجة "إن شاء أو لم يشأ سنذهب غدا"، وفي اليوم التالي استيقظ الدجاج غير قادر على الطيران ولا يزال إلى يومنا هذا من الطيور العاجزة عن استخدام أجنحتها للتحليق كما معظم الطيور.
العبرة في هذه الرواية الشعبية أن كل شيء يتم بمشيئة الله، على أساس أن أحدا لا يضمن خياراته في حدود بعيدة، ولا أحد بقادر على ضمان حياته، وأنه سيعود بعد سفر أو غياب أو أن ينام ولا يصحو أبدا.
ليل أمس ذكرنا وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي بعد لقائه رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في "بيت الوسط" بهذه الرواية، حين أشار إلى أن الرئيس الحريري واجه عراقيل عديدة ويعمل على تذليلها والأمور "بإذن الله خير"، ولفت إلى أن الأمور تتجه في اتجاهات إيجابية، وخلال أيام أو أكثر بقليل "إن شاء الله" نشهد ولادة الحكومة.
ما عاد في الإمكان إشاعة أجواء إيجابية دون الاستعانة بقدرة إلهية، وصولا إلى إشراك الله عز وجل في التمني، لجهة ألا يستجد ما يعطل التأليف، فالأجواء الإيجابية باتت مجلبة للحذر والتريث وعدم الانسياق نحو الإغراق في التفاؤل، بالاستناد إلى تجربة الخمسة أشهر الماضية، ومن هنا قال الوزير الرياشي كلامه لطمأنة اللبنانيين وأرفقه بعبارة "إن شاء الله" ليترك هامشا في التقدير، وهي تحمل الكثير من قيمنا اللبنانية.
في المعطيات المتوفرة، ثمة ما هو إيجابي، والعمل جار على حلحلة بعض الأمور العالقة قبل إعلان الحكومة، إلا أن ذلك يتطلب أياما لا ساعات كما أشيع بالأمس، ويبقى المهم أن ثمة قناعة لدى جميع الفرقاء بأنه لا بد من تخطي العثرات، ولا نملك إلا أن نقول مع الوزير الرياشي الحكومة قريبا فعلا "إن شاء الله"!