تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
من واكب مسار التطورات الحكومية في اليومين الماضيين من غير اللبنانيين كاد يظن أن المولج تشكيل الحكومة وزير الخارجية جبران باسيل والنائب ستريدا جعجع ، في سابقة تاريخية يعيشها لبنان للمرة الأولى، أما الرئيس المكلف فينتظر أن تهدأ المواقف وقد بدا مراقبا أكثر منه مكلفا بشبه إجماع نيابي لاختيار توليفة وزارية لحكومته الثالثة.
سوريالية هذا المشهد عززها الاحتفال بذكرى الثالث عشر من تشرين الأول (أكتوبر)، مع تبني الهزيمة على أنها انتصار، ما يعيد التذكير في كل مرة بحروب العرب مع الكيان الصهيوني، وقدرتهم على تزيين هزائمهم ببطولات رسخها الحكام عبر تبرير ضعفهم.
من حق كل فريق سياسي أن يبني تصورات وفق قراءته الخاصة لمحطة ما ولذكرى أو مناسبة، ولكن ذلك لا يكون ملزما، لجهة أن يتبناها اللبنانيون كثابتة تاريخية، وذكرى 13 تشرين الأول (أكتوبر) ليست بأكثر من تجلٍّ لانقسام اللبنانيين بين مشروعين كل منهما لديه مسوغاته، ولا فرق بين من مولته سوريا ومن موله العراق، ففي كتابة التاريخ لا مجال لخطاب شعبوي وأهواء وأمزجة، التاريخ مقصلة، وتلك الأحداث ستؤرَّخ على أنها واحدة من سقطات اللبنانيين عندما شرعوا بلدهم لأهواء ومطامع الدول، قضى فيها أبطال بواسل وهبوا حياتهم بلا ثمن، فلا الدماء أزهرت ولا الدموع عوضت الثكالى فقدان أحبة وأعزاء.
ومن يظن أنه كتب التاريخ بحروف من نور فهو واهم، لا اليسار ولا اليمين، ولا يمكن أن نواجه تداعيات سقطاتنا كلبنانيين إلا بقراءة نقدية، تفترض الاعتراف بأن التحالف مع الفلسطينيين والاستقواء بهم في مواجهة الشريك الداخلي كان خطأً مميتاً، وأن ارتماء فريق في أحضان إسرائيل كان خطيئة، وإن كان ثمة ما يبررها وسط هواجس تؤكد أن الأمور لا يمكن تناولها إلا بعين النقد الجريء، وبموضوعية ننزع معها هالة القداسة حيال ما ارتكبنا جميعا من خطايا وأخطاء كلفتنا آلاف الشهداء والجرحى والمفقودين والمعوقين.
أخطر ما يواجه لبنان في هذه المرحلة يظل متمثلا في توظيف الماضي الملتبس في حاضر أكثر التباسا، ولأننا لم نتعلم من دروس التاريخ البعيد والقريب نرانا عاجزين عن تشكيل حكومة، لا نستغرب أن نسمع إملاءات من هذا الفريق أو ذاك يحدد لرئيس الحكومة المكلف مهامه ويفرض عليه خياراته!