تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
هل يتحول اللبنانيون شهود زور حيال ما يرتكب باسمهم وبحقهم؟ وهل هم مجرد أرقام تم أسرها في صناديق اقتراع، صناديق دفنت فيها أحلامهم؟
ومن ثم هل من حق القوى السياسية مجتمعة أن تتلاعب بمصيرهم وهم دفعوا حتى الآن فاتورة أربعة أشهر ضائعة من حياتهم لأهواء أهل السياسة؟
لا تني الأسئلة تلح وتتمظهر من خاصرة الوجع اليومي، فيما المواطن يواجه وحيدا شظف العيش ويدنو إلى حافة العوز والفاقة، في وطن ما عدنا نرى فيه إلا انقساما فاضحا بين من يملكون الثروة ومن لا يملكون غير الارتهان للمصارف، في معادلة جوفاء وفاقعة، خصوصا عندما نعلم أن الطبقات الوسطى باتت في طور الانقراض، وهي تمول باللحم الحي المصارف، عبر تسهيل الاقتراض في توجه يتقصد سرقة الجيوب، عبر عمولات خيالية.
يمارس السياسيون ترف البذخ بسياراتهم الفارهة، بمساكنهم وقصورهم، بسياحتهم الترفيهية، بيخوتهم وطائراتهم الخاصة، بمضاعفة ثرواتهم، بتوظيف مواقعهم في مشاريع خاصة على قاعدة "الشفافية" التي تقتضي تسجيل الممتلكات والاستثمارات بأسماء الزوجات والأبناء والتابعين الخلَّص، ويصرحون بأموالهم حتى نقتنع أن الأمر يتطلب من المواطن المكسور جمع التبرعات ليكملوا مسيرة "نضالهم" في سبيل تحقيق رفاه الناس.
تناقضات صارخة لن تنتهي إلا بثورة وفقا لمنطق التاريخ، فإذا كان المواطن اليوم محكوما بسقف يقعده عن تخطي زعيم الطائفة وانتمائه إلى فضاء العشيرة والقبيلة وراعيها الملهم، فالأمور لن تظل كما هي عليه الآن، فالشعب اللبناني وهو يُذل يوميا في الإدارات العامة وفي تحصيل لقمة عيشه وفي تحمل تبعات تعثر حكومي مرشح ليقتطع من عمره أشهرا عديدة، سيثور يوما، عندما يضطر إلى الاختيار بين كرامته وتصغير كتفيه.
مواطن يتنفس هواء ملوثا، تحاصره رائحة النفايات ، تستنزف المدارس دمه، يموت عند أبواب المستشفيات، مواطن يدفع أكثر من فاتورة للمياه والكهرباء، مواطن يرهن لحمه الحي لمصرف، مواطن غير قادر على تأمين تعليم أبنائه في الجامعات الا بالواسطة واستجداء المساعدة، لن يبقى أبد الدهر أسير الذل والهوان.
سيتأكد المواطنون يوما بعد يوم أن أحلامهم دفنت في أقلام الاقتراع، وأن الانتخابات النيابية - وفق قانون انتخاب أبتر وأجوف عنوانه الاستنساب - سلبتهم الإرادة، عندها، وساعة تنضج الظروف الموضوعية لثورتهم، سينطلقون إلى الحياة موحدين بالوجع، ولا بد أن ثورة الجياع قادمة!