تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
تناولت تغريدات مسؤولين لبنانيين اليوم دعوات لتعميم السلام، ثقافةً وممارسة وأمنيات، تزامنا مع المناسبة السنوية لـ "اليوم العالمي للسلام" الذي يصادف في 21 أيلول/سبتمبر من كل عام، لكنها افتقدت إلى الحرارة والحيوية، وجاءت باردة وكأنها من باب رفع العتب، أو في مكان ما أعادت التذكير بأن ثمة سلاما ما يزال غائبا، لعل في الذكرى فائدة وعبرة لتحريك المواقف نحو سلام دائم وراسخ يحصن لبنان اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، أبعد بكثير من مجرد مناسبة.
والسلام في مداه الأوسع أبعد من السلم، أي أنه ليس مجرد وقف إطلاق نار في معركة مشتعلة، ولا هو اتفاق يضع حدا لحرب دائرة، فالسلام يعني الاستقرار في مختلف مجالات الحياة، وهذا ما يتطلب محاربة الفقر ومواجهة البطالة والمرض وتعزيز القيم الديموقراطية، وبذل جهود لحماية موارد الأرض ومواجهة تغير المناخ، وتاليا تحقيق الأمن والعدالة والمساواة، وإلغاء التمييز ضد المرأة، وتوفير التعليم وحماية الطفل وتحقيق التنمية المستدامة عبر تبني الطاقة المتجددة ومكافحة الاحترار، فلا سلام يمكن أن يتحقق بعيدا من هذه العناوين، وهذا ما لحظته الأمم المتحدة في العام 1981 لجهة تكريس "اليوم العالمي للسلام" لتعزيز مُثل وقيم السلام في أوساط الأمم والشعوب وفي ما بينها.
وتبنت الأمم المتحدة هذه السنة شعارا يعبر عن تطلعات الإنسانية جمعاء ولخصته في "الحق في السلام... 70 عاما منذ إقرار الأعلان العالمي لحقوق الإنسان"، مؤكدة أن هناك طرقا كثيرة للمشاركة في الممارسات الديموقراطية، من بينها المشاركة في الحوار بشأن العمليات الدستورية، ومناصرة الدعوى إلى تمكين المجتمع المدني، والانضمام إلى الكفاح من أجل إحلال المساواة بين الجنسين ومناهضة التمييز، والمشاركة في التربية المدنية، وتشجيع تسجيل الناخبين، منوهة إلى أن اليوم العالمي للسلام يتيح لجميع شعوب العالم مناسبة مشتركة لكي ينظموا أحداثا ويضطلعوا بأعمال تمجد أهمية السلام والديموقراطية بطرق واقعية ومفيدة.
ثمة بون شاسع بين التطلعات والواقع، خصوصا وأن العالم يعيش أزمات تبقي السلام مجرد يوتوبيا بعيدة المنال، يضاف إليها الإرهاب الذي يهدد كل بقاع الأرض مع انتشار موجات التكفير، إلا أن ذلك لا يعني الرضوخ، وتبقى ثمة ضرورة للعمل الجاد من قبل الدول والحكومات لتعزيز ثقافة السلام، كي لا تختزل بيوم يتيم في السنة.
أما في لبنان، فلا نعلم كيف يمكن أن يكون سلام فيما نعيش تعثرا حكوميا مصحوبا بتغريدات نارية، يضاف إليه ما نواجه من أزمات تطاول كافة مرافق الحياة، وهذا إن دل على شيء، لبنانيا وإقليميا ودوليا، فعلى أن هذه المناسبة ليست أكثر من احتفال بـ "اليوم العالمي للسلام"... الضائع!