تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
إذا كان ثمة "مربع أول" عدنا إليه في ملف تشكيل الحكومة قبل نحو شهر من الآن، فإلى أي مربع أخذتنا التطورات الأخيرة؟ وهل نحن على أعتاب مرحلة أَوصدَ فيها الجميع الأبواب على مواقفهم؟ وكيف السبيل لنستشعر الأمان في أن لا مستحيل تحت الشمس؟ وإلى متى يعزلنا الإنتظار عن واقعنا المتصدع والمأزوم؟
في العلوم الفلسفية تحمل الأسئلة نصف الأجوبة، كونها تمثل اجتهادا نظريا في قضايا وجودية بعيدة عن الواقع المعاش براهنيته، وإن كانت متصلة بسيرورة الحياة والقيم الإنسانية وغيرها من القضايا، لا سيما تلك المتعلقة بالفكر والتنوير. أما في السياسة، فالأسئلة إن كانت دون آفاق ولا نملك الإجابة عنها فتستحضر القلق، خصوصا في حالة لبنان.
بين السياسة والفلسفة بونٌ شاسع، ولكنهما غير منفصلين، فإذا ما نظرنا إلى الغرب وتقدمه وتفوقه في سائر ميادين العلم والمعرفة، وإذا ما أجرينا مقارنة مع دول العالم الثالث وكذلك الدول النامية، نصل إلى استنتاج مفاده أن الغرب تصالح مع الدين، حتى الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت انتهت مفاعيله، وما عادت الكنيسة حاضرة في غير موقعها، في وقت كانت الكنيسة تجرِّم العلماء، وهي امتلكت في ما بعد الجرأة في تبني ثقافة الاعتذار، وأعادت الاعتبار لعلماء ظلموا في حقبات ماضية.
والفسلفة غير منفصلة عن السياسة، لأنها في التجربة الأوروبية شكلت ثورة على الموروث الديني، مع ثورة التنوير التي خاضها فلاسفة فرنسيون وألمان وإنكليز وغيرهم، بمعنى أن الفلسفة شكلت نقطة تحول من العصور الوسطى الموغلة في الجهل إلى عصر العقل والعلم، ما أراح الكنيسة من جهة، وأطلق العنان للفكر والإبداع من جهة ثانية.
في لبنان، ما نزال بعيدين عن ولوج مرحلة العقل، وكذلك الحال بالنسبة للدول العربية وتلك المتلقية لثقافة الغرب، من هنا نجد أننا لن نتطور في حدود تكرس قيما ومفاهيم تبعدنا عن سقف الانتماء العصبوي وفضاء الخطاب الطائفي، مع فارق بسيط، وهو أن الدول العربية والعالم الثالث حصنت بنيانها بالدستور والقوانين، أما في لبنان فلا نزال أسرى عصبيات ونزعات لا تقود إلا لما نحن عليه اليوم.
لا يمثل الغرب مثالا إنسانيا مطلقا، ولكنه المثال الأكثر قابلية للحياة حتى الآن، فمتى نتصالح مع الدين يصبح في الإمكان تخطي أي أزمة تواجهنا، وليس الأزمة الحكومية فحسب، وإلا سنظل نعود القهقرى إلى مربعات لا نعرف إلى أين ستقودنا، فهل من صحوة؟