تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ما تردد بالأمس عن زيادة خمسة آلاف ليرة على صفيحة البنزين ليس إشاعة، ولا "مؤامرة" تستهدف الحكم وإشاعة أجواء البلبلة، هي حقيقة مؤجلة حتى لو تم نفيها الآن أو غدا، وأساسا لا نار دون دخان، ومن يقرأ في السياسة يدرك أن لبنان سائر نحو أزمات اقتصادية لن تجدي معها مؤتمرات الدعم الدولية، وأي بلد غير محصن بالسياسة مآل اقتصاده الانهيار.
لن تتمكن الدولة من تمويل عجزها بغير الضرائب، ويخطىء من يظن أن لبنان محصن اقتصاديا وماليا، فمنذ الأزمة السورية قبل نحو ست سنوات والبلد في سبات اقصادي، والانقسام السياسي وإقحام لبنان في صراعات المنطقة هما بعض عوامل قوضت الاستقرار، فكان أن توقفت الاستثمارات وهربت رؤوس الأموال وأقفلت مؤسسات صناعية وسياحية، وبات الجمود حاضرا في سائر القطاعات.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن يحذر البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من تداعيات أزمة تشكيل الحكومة ، مطالبا بتقديم حاجات الناس ولقمة عشيهم على ما عداها من أمور بدلا من إهدار الوقت في التحاصص، مستشرفا أزمات مقبلة عنوانها وجع الناس وعدم قدرتهم على تأمين لقمة العيش والطبابة والاستشفاء وتوفير مستلزمات المدارس.
وما نقل عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن لا سبيل لمعالجة مسألة القروض الإسكانية جديا سوى بفرض خمسة آلاف ليرة إضافية على سعر صفيحة البنزين وضريبة إضافية للقيمة المضافة، لم يهدف إلى البلبلة، وإنما إلى إحداث صدمة إيجابية تكون مدخلا لتشكيل حكومة بدلا من إضاعة الفرصة تلو الأخرى، وما أكده وزير المالية علي حسن خليل في أن مشروع موازنة 2019 لا يحمل أي ضرائب اضافية وأن الحديث عن زيادة على سعر البنزين غير مطروح مطلقا، لا يعني أن ضريبة البنزين غير واردة في سياق زمني غير بعيد.
لقد بات من المؤكد أن الاوضاع الاقتصادية تتجه أكثر نحو المزيد من الضغط، ليس في أن لبنان غير قادر عن تشكيل حكومة فحسب، وإنما نتيجة الأوضاع الاقليمية الضاغطة والمتوترة من ملف اليمن إلى الملف السوري و"قمة سوتشي" مرورا بليبيا، فيما سنشهد تطورات في ما بات يعرف بـ "صفقة القرن"، ولبنان ليس في منأى عنها وعن نتائجها.