تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ما أحجمنا عن قوله في سياق رصد تطورات تشكيل الحكومة، وتطرقنا إليه إيحاءً وتلميحا، قاله بالأمس البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ، نافضا غبار المواقف الملتبسة عن مشهد التأليف وقد غدا تجذيفا في مستنقع نضب ماؤه، ومراوحة في دائرة المصالح، أحجاما وتوجهات وتفاصيل ساذجة في فقه السياسة ولا من يفقهون، في وقت يصادر حاضرنا والمستقبل بأهواء أقصاها حقيبة في حكومة تُــهرَّب فيها أحلامنا كمواد ممنوعة في مطار معطل ودولة سائبة.
بدا أبينا البطريرك واضحا الأمس كعين شمس لا تحجبها غيوم الأسئلة، حين أكد أن السياسيين "مأخوذون فقط بمناقشة الأحجام وتقاسم الحصص، وبأزمة الصلاحيات وهي من دون أساس، بعد الانتخابات النيابية التي كنا نتوقع فيها بصيص أمل بحياة أفضل، علما أن واحدا وخمسين بالمئة من الشعب اللبناني لم يشارك فيها، لفقدان الثقة، فيتبين اليوم أن شكهم كان في محلّه".
لا كلام بعد هذا الكلام، فما عداه ترهات ومواقف خاوية، وسط تشكيل مؤجل ومتعثر بإرادة واعية، وأجواء داخلية تأثرت حتى إشعار آخر بـ "السفر السياسي"، ما عطل ويعطل مختلف مفاصل الدولة الرئاسية والسياسية، وسائر مرافقها المعطلة بدورها مع ما تستجلب من كوارث، وآخرها فيضان نهر من النفايات بين الشويفات وحي السلم، وسباحة وغوص على طرقات الشمال، في مشهد كان بالأمس مجلبة للتندر والسخرية على ما آلت إليه أحوال اللبنانيين.
وكان موقف بكركي واضحا في نقد ضمنه رسالة واضحة تشدد وتحث على الخروج من تأليف حكومة والبدء بالتصدي لهموم وشؤون الناس، لا بل أبعد من ذلك عرض البطريرك الراعي لأزمة الاقتصاد، لافتا إلى أن الدين العام يناهز التسعين مليار دولار أميركي، وبات يشل النمو الاقتصادي وحركة الانتاج، ويعطّل فرَص العمل، ويرمي اللبنانيين في مزيد من الفقر، ويقحم قوانا الحية الشبابية المنتجة على هجرة الوطن، ويحرم الدولة من الاستثمار في مشاريع إنمائية، فيما الهدر والانفاق غير المجدي يتزايد في المقابل.
أما أقصى ما تحقق فلم يتخط البحث في تعديل المسودة الحكومية الأخيرة التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعدما استلم موفد الحريري الوزير غطاس الخوري ملاحظات الرئيس عون على المسودة خلال زيارته قصر بعبدا يوم الجمعة الماضي
.
وفي ما عدا ذلك، يظل "السفر السياسي" الحاضر الأكبر، ومعه فقط يشعر اللبنانيون بوجود دولة ولو من باب مراسم التوديع والاستقبال!