تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
لا جديد لدى رئيس الجمهورية ولا جديد أيضا لدى الرئيس المكلف، هذا ما خلصت إليه المعطيات والمواقف الأخيرة، ويبدو أن تأليف الحكومة سيستهلك شهر أيلول (سبتمبر) لندنو من الشهر الرابع في أزمة مفتوحة على المجهول الحكومي والدستوري والصلاحيات، فيما انطلقت حرب المزايدات ورمي التهم وتبادل القصف، وعدنا إلى خطاب صحراوي جاف مداه الرمل كثبانا وذرات غبار ولا واحة يستريح إليها النظر ويهدأ عند جنباتها البال، فقط سراب ثابت وعطش أكيد وخوف مقيم، ولسان حال المتخاصمين على الحصص والمواقع، ما قال شاعر الصحراء عمرو بن كلثوم في معلقته الشهيرة: "نشرب إن وردنا الماء صفوا... ويشرب غيرنا كدرا وطينا".
ضاق باب الاجتهاد إلى حدود النزعات الملتبسة والنزاعات القاتلة إلى حد النزع المريب، ولبنان يخطو بثبات نحو غرفة طوارىء سياسية ودستورية، وربما ميثاقية والآتي أدهى وأعظم، كأنه محكوم إلى أجل غير مسمى بالعناية الفائقة فيما لا من يرفده بالأوكسيجين وعيون العالم منشغلة بإدلب ومصالح الكبار في سوريا، ولبنان لا يعدو كونه مجرد تفصيل وتحصيل حاصل وقطرة في محيط الأزمات الإقليمية والدولية.
فإلى أي راعٍ نلوذ؟ وإلى من نرفع الشكوى، ونحن نسير القهقرى إلى مهاوي الأخطار وقد غدت غير بعيدة، ما يعمق معاناتنا ويرسخ الفوضى والتسيب والإهمال في مسلسل الفضائح والكوارث والسقطات؟ وهل سيظل لبنان إلى ما لا نهاية يستجدي عكازا إقليميا؟ ومتى يتخطى شللا يبقي وجوده كدولة وكيان مترنحا بين الخوف والخوف؟
من يعطل تشكيل الحكومة يستجدي وصاية الخارج، وهذه حقيقة ثابتة أنَّـــى اجتهد المجتهدون والممالئون والشتامون والإقصائيون، وإلا ما معنى التحصن في دائرة لا محيد عنها، وقد انعدم أدب التواضع في بيانات اليومين الماضيين، وفي مواقف تؤكد أن ثمة رؤوسا حامية ولكن من فراغ وخواء سياسي وفكري؟
كل الفرقاء سواسية أنى كانت التبريرات والمسوغات والاجتهادات، ولبنان لا يحكم بمعادلات رياضية وإنما بكيمياء التوافق وفلسفة التشارك، وإلا سيظل صورة عن عالم فقد توازنه، لا رسالة إنسانية في صراع الحضارات والهُـويات القاتلة، مجرد كيانات طائفية متناحرة، لا تتوانى عن التمظهر في حروب قبلية إن سنحت الغرائز وأفلتت من عقالها.