تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
المطلوب في هذه اللحظة السياسية الكأداء إشغال العقل لا العواطف، فالأمور قد تنحو صوب أزمة تتخطى تشكيل الحكومة إلى ما هو أبعد بكثير، ما يقتضي التريث في إطلاق المواقف، والعمل من أجل مراكمة رأي عام ضاغط في اتجاه بلورة تفاهمات "حكومية" ما تزال إلى الآن ممكنة، كي لا نتجرع مرة جديدة من كأس الخوف والهواجس على حاضر وغد، وكي لا نواجه مع كل استحقاق دستوري نيابي أم حكومي أم رئاسي ما يتجاوز القدرة على مواجهته، فنضطر إلى تشريع بيتنا الداخلي لرعاة الخارج.
هذا الخوف وتينك الهواجس عبر عنهما أمس بيان المطارنة الموارنة، حين أبدوا الإستغرب من استسهال أن يفتح لدى كل استحقاق دستوري، قضايا في الدستور تكون طي الكتمان أو النسيان في أوقات الاستقرار الدستوري، وهو الوقت المناسب لطرحها ليتم التفكير فيها بهدوء بعيدا عن التحدي والمنازلات السياسية، فضلا عن دعوة جميع السياسيين أن يتحملوا مسؤولياتهم ويسهلوا تأليف حكومة تقوم بواجباتها الملحة تجاه الخير العام وخير المواطنين.
بهذا الكلام المسؤول نواجه تحديات اللحظة، فيما نحن سائرون في اتجاه مواقف مشتبكة تتطلب مقاربات مرنة، وثمة ما هو حاضر في الذاكرة القريبة، منذ " اتفاق الطائف " إلى الآن، يبرر حجم القلق، مع الإشارة إلى أن تعثر التأليف مع ما يعصف بالبلد من مواقف تخطت الحكومة وتوزيع الحقائب إلى الدستور، لا يبشر بخيرٍ مأمول، ولم يكن من قبيل الصدفة أن يقرع رئيس مجلس النواب نبيه بري ناقوس الخطر مرة جديدة، حين اعتبر أمس أن لبنان في غرفة العناية والوضع الإقتصادي خطير ولا يمكن تجاهل هذا الواقع، لافتا إلى أن على الجميع من دون استثناء أن يقدموا التنازلات لمصلحة الوطن ويخرجوا من هذه الأزمة.
وفيما نعيش مرحلة غير محكومة بسقوف من حيث إمكانية استيلاد حلول ناجزة نتمكن من خلالها تخطي الأزمة المستمرة، فمن المؤكد أننا نراوح الآن في منطقة رمادية، ما يعني أن الاحتمالات تظل مشرعة على أسْودِ الأزمة أو على أبيضِ انفراجها، ما يعني أن ثمة وقتا متاحا لتعديل المواقف وتليينها، إلا أنه وقت ضاغط، والانتظار سيكون مجلبة لما لا قدرة للبنان على احتمال نتائجه وتبعاته في السياسة والاقتصاد وفي مجمل قطاعات الحياة!