تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
كما في السياسة ديوك هم مراجع لشرائح كبيرة واسعة من الناس، ثمة أيضا "صيصان" كثر، والفارق بينهما كبير ولا تصح المقارنة، فالديوك تصيح بأنفة وكبرياء، أما الصيصان فـ "تكتكت" ويذهب صوتها هباء منثورا، وإذا كنا كمواطنين مغلوب على أمرنا لا نحتمل صياح ديوك الطوائف في أحيان كثيرة، فكم بالحري "صيصانها"؟
عشرات التغريدات والبيانات طالعتنا اليوم لتعضد إما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، وإما الرئيس المكلف سعد الحريري ، وجميعها يزايد في موضوع الأحجام، بما لا يتعدى حلقة مواقف أكثرها يندرج في خانة "تبييض الوج" ليس أكثر، وجلها يسيء للرئيسين، فهما لا يحتاجان لمن يؤازر ويدعم، خصوصا إن كان من "أهل البيت"، وهؤلاء إذا ما أردنا توصيفهم بالسياسة فهم "صيصان" لم ينبت ريش مواقفهم بعد، وقد لا ينبت طالما هم مسيَّرون ويلتحفون عباءة الزعماء "الديوك" بتبعية تعمي الأبصار وتعطل الإبصار.
مناسبة هذا الكلام، أن أيا من هذه التصريحات لم يقدم رؤية وتوجه للخروج من الأزمة، وهم معذورون، فباب الاجتهاد ممنوع، أو أن ثمة خوفا من الاجتهاد والوقوع في المحظور، ولأن الأمر كذلك فالأجدى ألا يلوثوا أسماعنا بضجيج يضاف إلى ما نواجه من تلوث بصري ومن تلوث فاض روائح ونفايات وصرف صحي.
في غمرة النزاع بين فريقين، وفيما تكون المواقف المحتدمة، وعندما يتجرأ أحد على تسعير الخلاف، يقال له في موروثنا الثقافي والأخلاقي: "إذا عندك كلمة منيحة قولها"، بمعنى إسكاته بلياقة، وهذا بعض من تراثنا البعيد عن الميوعة والتحابي، إلا أنه لم ينسحب إلى السياسة، وهذا مدعاة خجل لما آلت إليه أوضاعنا، خصوصا وأننا نعلم إذا ما اشتد الخلاف بين رئيس البلاد والرئيس المكلف، وهو خلاف مشروع لا يفسد في الود قضية ومحكوم بأطر ديموقراطية، فسيتحول "الصيصان" إلى شتامين بدرجة "امتياز".
هذه الغوغاء لا تبني وطنا، والزعيم لا يحتاج لمن يصفق ويساير ويكيل المديح، الزعيم بحاجة لمن ينتقده من موقع الحرص على حضور ودور، ليكون ملما بنبض الشارع وهموم الناس، فمسؤولياته الكبيرة والكثيرة تحجب عنه الواقع في حدود لا يعود في مقدوره استشراف وجع مواطنيه ومعايشته.
يكفي لبنان هذا الهرج والفوضى، وليتحمل الجميع مسؤولياته بأبعد من "الكتكتة"، على أمل أن يعيرنا "صيصان" السياسة سكوتا من ذهب وألماس!