تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
* " فادي غانم "
لا نستغرب ما خلص إليه تقرير "ذا إيكونوميست" البريطانية من أن ثمة مخاوف حقيقية من أن يشهد الوضع الاقتصادي في لبنان مزيدا من الانهيار خلال الفترة المقبلة، فهذا الأمر لم نخرجه يوما من دائرة التوقع، ولا يحتاج أساسا لكثير من البحث والتقصي والتحليل، فيما نشهد تراجعا اقتصاديا يطاول سائر المرافق، من الصناعة إلى الزراعة والتجارة ومجمل القطاعات غير المنفصلة عن كل الواقع المتردي كقطاع السياحة والخدمات.
لكن ما يثير الاستغراب أكثر من تقرير "ذا إيكونوميست" يظل متمثلا بــ "تطمينات" المسؤولين اللبنانيين، فإما هم يحاولون امتصاص نقمة الناس، ونحن منهم، وإما هم غير ملمين بألف باء علم الاقتصاد بأبعد من تعظيم "معجزة" تثبيت سعرف الليرة وتحقيق الاستقرار النقدي، بينما المؤشرات جميعها تؤكد أن الانهيار بدأ فعلا، وتفصلنا عن الكارثة المدوية مسافة زمنية لم تعد ببعيدة، أما أهل السياسة فيؤثرون التورية والقفز فوق مسلمات العلوم الاقتصادية والمالية.
ما يعزز ما أوردته "ذا إيكونوميست" يتخطى الاقتصاد إلى مجمل أزماتنا الحياتية والخدماتية، ذلك أن لبنان لا يعيش استقرارا نقديا فحسب، وإنما يعيش "استقرارا" على مستوى الفساد، وهذا يعني أن الكوارث المنتظرة لا يمكن حصرها فقط بانهيار الاقتصاد، وإنما في تردي وانهيار منظومة القيم السياسية والأخلاقية، وليس أدلّ على ذلك أن لبنان مستباح اقتصاديا واجتماعيا وخدماتيا، وسط أزمة نفايات مستعصية، وأزمة مقالع وكسارات ومرامل عصية على التنظيم، وقانون صيد بري أبصر النور وصادره تجار ومافيات الأسلحة، دون أن ننسى تلوث الشواطىء والأنهر والهواء وووو....
إن أي دولة عاجزة عن معالجة نفاياتها لا يمكن أن تواجه بخطط وبرامج قابلة للحياة انهيار اقتصادها، فاستقرار الفساد يعني استقرار ورسوخ العجز، حتى أنه ما عاد بالامكان إشاعة أجواء الأمل والتفاؤل في بلد عاجز سياسيا (تشكيل الحكومة نموذجا) واقتصاديا وخدماتيا وأخلاقيا، وفي بلد يفوق عدد ضحاياه في حوادث السير عدد شهداء وضحايا الحروب التي مرت على لبنان (إذا استثنينا المجازر).
لبنان بلد عاجز، وبدلا من أن ننصت لتقارير اقتصادية "تبشرنا" بالكارثة، ما نزال نصر على الترويج لنظرية المؤامرة، وهذا ما يلجأ إليه غالبا من لا يملكون رؤية سليمة لمواجهة أزماتهم، ولسان حالهم، (كفى الله المؤمنين شر القتال)!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس "جمعية غدي"