تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كي لا نظل في دائرة الرصد والمتابعة والتحليل والاستنتاج، وكي لا نغرقَ أكثر فأكثر في تفاصيل وحيثيات الشأن الحكومي، تعثرا وانتظارا ومماطلة، وكي لا تأخذنا المواقف المتسارعة إلى تسطيح أزمة التأليف، بات من الضرورة بمكان الحديث دون مواربة عن الأسباب الحقيقية التي حالت إلى الآن دون تشكيل الحكومة ، وإلا سنظل في دائرة التفاصيل المملة، نراقب مسلسلا سيء الإعداد والإخراج، وسيناريو يراوح بين فضيحة وفضيحة، ذلك أن ما نشهده منذ ثلاثة أشهر ويزيد، ليس بأكثر من "ضجر سياسي".
وثمة أكثر من ملاحظة لا بد من التوقف عندها، لنستجلي أسباب أزماتنا وعنوانها الأبرز هذه المرة "حكومة التعثر الوطني"، وأولى هذه الأساب يبدو فاضحا إلى حد القول أن لا اعتبارات وطنية تحكم تأليفها، وإنما مكاسب آنية مرتبطة بتكريس الطائفية في النصوص والنفوس.
ومن ثم تظل العقبة الأكبر حاضرة من خاصرة نظام كرس الانقسام حالة ثابتة بين سائر مكوناته الطائفية، فيما غاب الحد الأدنى من معايير وطنية لنجد أنفسنا نعيش في بقعة جغرافية لم نرتق بها ومعها إلى "رتبة وطن"، رغم أننا نملك علما ونشيدا وسلطة وقضاء وبرلمانا وسجونا، وبمعنى آخر، فإن مقومات الدولة ما تزال في دائرة ملتبسة شكلا ومضمونا، طالما أن الممر إلى الدولة يسبقه ممر ملزم إلى الطائفة، بمعنى أن لا انتماء صافيا لفضاء وطن تنصهر فيه سائر مكوناته ونسيجه المتنوع، وهذه إشكالية بنيوية في حاضرة أزماتنا التاريخية وحروبنا المستترة حينا والظاهرة أحيانا كثيرة.
ما استرعى الانتباه يوم أمس أن فضائية لبنانية محسوبة على نظام بعينه، عابت على مسؤول من فريق سياسي آخر رفع علم دولة أخرى إلى جانب العلم اللبناني، فيما الفريق السياسي الذي تنتمي إليه هذه الفضائية يزين شعاراته بعلم دولة أخرى، ولا يتوانى عن رفع صور قادتها.
وكي لا نبقي الأمر أحجية ولغزا، لا بد من الإشارة إلى أن "العَلمين" يمثلان المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران، وهذا خير دليل على أن لبنان بات جزءا من الصراع الشيعي – السني في المنطقة، تستغله الدول العظمى لتفتيتها وإضعافها، لتكون إسرائيل المستفيد الأكبر.
مثل هذا التفسخ في المشهد السياسي الماثل منذ سنوات وعقود لا يمكن أن ينتج حكومة، وأقصى ما يفضي إليه هو الإتيان بحكومة متعثرة وطنيا، كما سائر الحكومات السابقة... واللاحقة!