تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
تعالت الأصوات في اليومين الماضيين مطالبة بإعلان حالة طوارىء اقتصادية، وهذا أقل الإيمان مع ما نشهد من تراجع يطاول سائر القطاعات الاقتصادية وإقفال بعضها، وصولا إلى مخاوف حقيقية عبر عنها اليوم اقتصاديون حذروا من انهيار القطاع التجاري، ومثل هذا الحذر مبرر، لا سيما إذا ما تأخر إعلان تشكيل الحكومة، وهو المرجح، بحيث سنشهد ملامح كوارث اقتصادية واجتماعية مع بداية الخريف، أي مع انطلاق موسم المدارس وبدء التحضير لمؤونة فصل الشتاء التي تستهلك وتستنفد جميعها أموال ومدخرات المواطنين.
أما يوميات تأليف الحكومة فلا تشهد غير المراوحة، دون تسجيل أي تقدم، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه، فلا بد من إعلان حالة طوارىء عامة، كي لا نكون أمام انهيار كل شيء، بما يستهدف الدولة والكيان، ويؤسس لحروب جديدة حاضرة من حيث التعبئة ولا ينقصها إلا السلاح، وهذا يتأمن تبعا لأجندات الدول الداعمة، خصوصا إذا كان ثمة قرار بإشعال الساحة الداخلية.
الحرب في لبنان لم تنتهِ إلا في جانبها العسكري فحسب، فأزمة تشكيل الحكومة استحضرت أجواء حرب دون سلاح، وما هو قائم يمكن توصيفه بـ "دبلوماسية الرماد"، ذلك أن الجمر مشتعل يحجبه رماد المواقف واللعب في حدود تبقي الجمر مخفيا.
نقول هذا الكلام لأن الأمر خطير وجلل، ولأنه في ظل المراوحة وما يتخللها من مواقف تخفت حينا وتشتعل أحيانا أخرى، نعيش حربا يتخللها أحيانا "قصف" من العيار الثقيل، وما عاد يجدي التلطي خلف رماد المواقف، ولا عاد يجدي الرماديّ منها، ولا بد من أن يتمتع كل مسؤول بوعي يكون بمثابة إنذار مبكر، ليتيقن أن اللعب بمصير وطن وشعب دونه مخاطر، وإلا دخلنا في المحظور.
ولا ننسى أن استعادة مفردات من معجم الحرب لا يمكن إلا وأن يؤجج الوضع الداخلي، فضلا عن أن أزمة تشكيل الحكومة هي حرب متوارية، وإلا كيف نفسر تحصن كل فريق خلف مواقفه؟ وكيف نفهم التراشق وتبادل الاتهامات؟ وماذا لو اندفع أحدهم أكثر وتجاوز الخطوط المرسومة ضمنا؟ ومن ثم ألا يكون انهيار الاقتصاد مقدمة لأحداث وقلاقل؟
أسئلة تفترض أن يتجاوز لبنان "دبلوماسية الرماد"، وأن ينصب الهدف على إطفاء الجمر، وعندها تشكل الحكومة في أقل من أربع وعشرين ساعة!