تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
كل المعطيات المتوافرة إلى الآن تؤكد أن لا حكومة في المدى القريب، وهذا حالنا منذ ثلاثة أشهر ونيف، وهو ليس بجديد، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار أن العقد هي ذاتها، دون إحداث خروقات يمكن أن يُبنى عليها للانطلاق نحو إنضاج ظروف التأليف، وتخطي التعثر كحالة ثابتة، ثبات الجميع على مواقفهم والتنظير لـ "فلسفة" حضورهم وأحجامهم، و"هندسة" مشاركتهم في معادلات "حسابية" لا تراعي "كيمياء" العلاقات والمصالح في المنطقة، ولا تقيم اعتبارا لـ "فيزياء" المواقف الإقليمية.
وسط كل ذلك، يتأكد إلى الآن أن لا مقاربات واعية لأزمات لبنان الداخلية مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ولا استشراف أيضا لمخاطر بدأت تطرق الأبواب من خاصرة الصراع الإقليمي، فيما المنطقة مقبلة على المزيد من الأزمات والكوارث مع تصاعد وتيرة الحديث عن حرب أميركية على إيران، بدأت الاستعدادات لها عبر توسيع العقوبات الاقتصادية، تزامنا مع حرب إسرائيلية على لبنان، في ظل أجواء دولية تسودها مخاوف حقيقية من مواجهة أميركية – روسية عسكرية محدودة، أي ضمن نطاق لن يتخطى ترسيم مناطق نفوذهما في الشرق الأوسط.
ولبنان الرسمي ما يزال بعيدا عن مجاراة كل هذه التطورات، وسط التلهي بحصص وتقاسم مصالح ومغانم في حكومة مفترض أن يكون تشكيلها مقدمة لمواجهة استحقاقات داخلية وخارجية على هذه الدرجة من الخطورة، ما يتطلب حدا أدنى من التماسك الداخلي، بينما لم نشهد إلى الآن ما تخطى "حرب" المواقف، وهذه لا تفضي إلى إعلان حكومة، ولا تصوغ خطابا وطنيا لملاقاة الأخطار المقبلة.
لا تصرف بيانات فرقاء الأزمة في بورصة السياسة، ولا يفضي رفع سقف التخاطب إلا لمزيد من التشرذم والتشظي والانقسام، وهو بات أقرب ما يكون إلى حلقة "زجل سياسي" مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، أما ما يخطط للبنان ومعه سائر دول المنطقة، فهذا أمر ما زال يصطدم بحصة وزارية.
لم يرق التعاطي مع أزمة تشكيل الحكومة إلى مستوى المخاطر الماثلة في الساحتين الإقليمية والدولية، فيما لبنان بات أكثر من أي وقت مضى في مهب العاصفة، والخوف، كل الخوف، أن يتجدد "الزجل السياسي" فيما طبول الحرب بدأت تقرع!