تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
في إطلالته الأخيرة، حمَّل الأمين العام لـ " حزب الله " السيد حسن نصرالله "بيئة المقاومة" مسؤولية حمايتها، معتبرا أن الحرب التي ستشن على الحزب تهدف إلى إسقاطه في بيئته وليس عسكريا.
يأتي هذا الكلام في وقت تشهد فيه الساحة الشيعية مواقف رافضة لتخبط لبنان في أزماته الاقتصادية والمعيشية والحياتية، وهذا أمر طبيعي وليس بمستغرب، وأساسا لا يمكن فصل معاناة اللبنانيين، فهي واحدة، لا تفرق بين مواطن وآخر ومنطقة وأخرى، وإذا كانت الخيارات السياسية المحلية والإقليمية والدولية عاجزة عن توحيد اللبنانيين بسائر الموزاييك الطائفي والسياسي والعقائدي، فالمعاناة توحدهم بالوجع والمعاناة مع استمرار مسلسل القهر اليومي، وما يرافقه من خوف على فقدان لقمة العيش وانعدام الحد الأدنى من استقرار اقتصادي وأمان اجتماعي.
وتأتي دعوة الأمين العام للحزب صادقة في مراميها، لكن في حدود لا تبني على الشيء مقتضاه، فـ "حزب الله" مهما حاول التغريد خارج سرب السلطة المسؤولة عن جُل ملفات الفساد، فهو معني كشريك أساس في السلطة التنفيذية، وهذا ما يحمله كغيره من القوى السياسية وزر وتبعات التدهور الاقتصادي والصحي والبيئي، بنسب أكثر أم أقل، وهذا لا يغير في الأمر شيئا.
ومن ثم لا يمكن لـ "حزب الله" أن ينأى بنفسه عن أزمات تطاول مناطق نفوذه، فالتلوث يضرب بقوة في قرى وبلدات الليطاني، وأزمة النفايات تتفاقم في قضاءي النبطية وصور، ومن ثم أزمة الكهرباء ماثلة في كل المناطق، وكذلك أزمة المياه وتلوث الشاطىء.
ولكي تحضن بيئة المقاومة "حزب الله" فذلك يتطلب أن يكون الحزب حاضرا خارج منظومة الفساد، أو على الأقل في حكومة تكون مشاركته فيها من موقع تصويب مساراتها الإنمائية، ومواجهة الفساد كمهمة يومية، فشبهة المشاركة في الحكومة تعني أن الكل متورط، ليس بالضرورة كشريك مباشر، ولكن من لا يرفع الصوت في وجه صفقات أدى بعضها إلى كارثة النفايات التي ما نزال نعيش تبعاتها الخطيرة على بيئة لبنان وصحة اللبنانيين، يعتبر شريكا بشكل أو بآخر.
لا يمكن لبيئة المقاومة أن تلعب الدور المنوط بها إن ظلت مكشوفة دون غطاء سياسي واجتماعي واقتصادي، وهذا ما يتطلب من الحزب أن يكون لصيقا أكثر بجمهوره وقواعده الشعبية أبعد بكثير من رفد العائلات المحتاجة بمتطلبات البقاء، كما أن المقاومة لا يمكن اختصارها بالعمل العسكري فحسب، فمواجهة النفايات والتلوث مقاومة، والتصدي للتحاصص مقاومة، وتوفير فرص عمل لجيل الشباب مقاومة... إلخ.
من هنا، على الحزب أن يضطلع أكثر بهموم الناس وحاجاتهم، كي يبعد عنه "شبهة الفساد" حتى وإن اقتضى الأمر التغريد خارج الحكومة، ففي ذلك مكسب أكبر له ولجمهوره، بدلا من أن يغرق في مستنقع الفساد، كما أن شرعية المقاومة لا تتأتى من توازنات في حكومة قائمة على التحاصص، وإنما في حضوره من خاصرة آلام الناس ومواكبة ومواجهة همومهم.