تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– * " فادي غانم "
تريثت قبل أن أخط هذه الرسالة، متهيبا المقام، ومؤْثِرا ألا أزيد من عبءٍ تنوء تحته الجبال، لكن يا فخامة الرئيس، لئن توجهت إليكم برسالتي هذه، فذلك لأنني كما سائر اللبنانيين، تحاصرهم الأسئلة ويؤرقهم الخوف من حاضر ومستقبل.
أما بعد
كنا نتوقع أن يواجه عهدكم عقبات كبيرة، وكنا موقنين أن التحديات أكبر، غير أن ما آل إليه واقع الحال تخطى بكثر ما توقعنا، فكان لا بد من مخاطبتكم، لأننا نرى في عهدكم سانحة، ربما لن تتكرر، لترسيخ بناء الدولة خارج المتوارث من ممارسات حوّلت لبنان إلى إقطاعات سياسية، لا ترى الإصلاح والتغيير إلا بعين مصالحها.
قبل الحديث عن أزماتنا السياسية، لا بد يا فخامة الرئيس، أن نؤكد لكم أن لا إمكانية لمواجهة أزماتنا في لبنان، إلا باجتثاث الفساد، والتصدي للفكر التضليلي المعطل للتنمية ويبقي اللبنانيين في دائرة الخطر، فالتلوث تحول كوارث قائمة ومتنقلة مع تفاقم أزمة النفايات وانتشار المكبات العشوائية، وبعضها يتخلص من النفايات حرقا، منتهكا حرمة السماء والأرض، فيما نتخوف من أن يكون المطلوب تيئيسنا للقبول بصفقات المحارق، بدلا من تبني الإدراة الصحيحة والشاملة للنفايات.
لا يا فخامة الرئيس، شواطىء لبنان ملوثة، وأنهاره باتت بؤرا للأوبئة والأمراض، تحصد المواطنين الأبرياء بأمراض سارية ومستعصية، الخضار التي نتناولها ملوثة بالجراثيم وبنسب فوق المعدل المسموح، والأخطر أنها ملوثة بالمعادن الثقيلة (زئبق، زرنيخ، نحاس، كروميوم، رصاص وكادميوم) - وفقا لآخر تقرير صدر عن "مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية")، وسنزود فخامتكم بتقرير جديد سيصدر في آخر أيلول (سبتمبر) المقبل، وقد بدأ التلوث يصل إلى غذائنا عبر السلسلة الغذائية، ولا سيما من البحر حيث تتغذى الأسماك على مخلفات النفايات، ولا سيما دقائق البلاستيك Microplastic، ولا من يسأل أو يحاسب.
والشواطىء، بخلاف ما زينته لكم تقارير، تئن من تلوث يكاد لا يبقي منطقة واحدة خارج دائرة الخطر، وما لم يتطرق إليه المقربون والمستشارون هو أن ما هو قائم يؤكد أن التلوث مستمر تختلف نسبه بين منطقة وأخرى، نعم يا فخامة الرئيس، شواطئنا مهددة بأكثر من التلوث، مع استمرار استباحتها لصالح مجمعات الاسمنت وفوضى البناء والاحتيال على القانون، فكل شاطىء عام يسيل له لعاب من استملكوا سابقا بحرنا ورمالنا وهواءنا، وفضيحة الرملة البيضاء حاضرة، وكذلك شاطىء المنصوري في قضاء صور، ولم يبق لمدينة بيروت إلا الرملة البيضاء وهي باتت مصبا للصرف الصحي، وكل الخوف أن يجري قضمها إذا لم يرتدع المستثمرون ومن وراءهم.
نستغرب يا فخامة الرئيس ألا يتطرق عهدكم لكارثة المقالع والكسارات وهي تمعن في قضم جبالنا، ولا نعرف لماذا يستعصي هذا الملف على الدولة، فضلا عن المرامل وكوارث السدود التي أكد المنجز منها أن فيها هدر للمال العام ولم تأت بالموعود من من وفرة مياه، من سد شبروح الذي تهدر مياهه بمعدل 200 ليتر كل ثانية، وفقا للخبير رولان الرياشي، ولم يأخذ من ينادون بالسدود بملاحظات أهل الاختصاص وهي كثيرة، وسنرفها لكم في مقام آخر، علما أن السدود هي آخر الدواء، فيما اختلطت لدى البعض الأولويات، فالأهم من السدود يا فخامة الرئيس معالجة شبكات المياه المهترئة، فمياهنا تهدر نتيجة هذا الأمر بنسب تفوق الـ 40 بالمئة، والأهم من السدود يا فخامة الرئيس هو مياهنا الجوفية والإفادة منها بدلا من التخريب في منطقة جنة وفي مرج بسري التاريخي، والأهم من السدود السطحية يا فخامة الرئيس تنظيم وتعزيز الحوكمة الإدارية في مصالح المياه.
هذا غيض من فيض، ولذلك، نتطلع إلى تجاوز أزمة تشكيل الحكومة، للانطلاق بخطى واثقة نحو المستقبل، ونحن إلى جانبكم كنا وسنبقى لأجل لبنان الذي محضتموه كبير التضحيات.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس " جمعية غدي "