تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان عاونه المطرانان يوسف سويف وحنا علوان، وشارك فيه اسقف الغوادلوب المطران جان ايف ريوكرو.
وخدمت القداس جوقة عبدين في حضور الوزيرة السابقة اليس شبطيني، الرئيس الاقليمي للجامعة الثقافية اللبنانية في العالم ميشال الدويهي، رئيس الحركة اللبنانية المهندس جون مفرج، حشد من المؤمنين من مختلف المناطق اللبنانية مقيمين ومغتربين.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان "عظيم ايمانك، يا امراة، فليكن لك ما تريدين"، جاء فيه: "1. فوجئ الرب يسوع بإيمان المرأة الكنعانية الوثنية، عندما نادته باسمه البيبلي المسيحاني: "ارحمني، يا ابن داود وساعدني، إن ابنتي يعذبها شيطان ويضنيها" (متى 22:15). وقد أدركت أنه المسيح الآتي والحامل رحمة الله الشافية. فأراد أن يمتحن إيمانها، لكي يظهره لتلاميذه، ولكي يستجيب إلتماسها. وعندما اجتازت المرأة المحن الثلاث وهي: عدم اكتراث يسوع، واقتصار رسالته على الشعب اليهودي، وتوجيه إساءة شخصية لها ولابنتها المريضة، أعلن يسوع: "عظيم إيمانك، يا امرأة، فليكن لك ما تريدين!" (متى 28:15). إننا نلتمس اليوم من المسيح الرب هبة الإيمان، والإدراك أن الإيمان هو باب علاقتنا البنوية مع الله، وقوة صلاتنا، ومصدر التواضع والخضوع للإرادة الإلهية.
2. يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية. فأرحب بكم جميعا، وبخاصة بسيادة المطرانJean-Yves Riocreux ، أسقف Basse-Terre et Pointe-à-Pitreفي Guadeloupe، بجزر Caraïbes، العضو في اللجنة الأسقفية للرسالة الجامعة في الكنيسة، ومعه بالجالية اللبنانية في جزيرة الغوادلوب وخادم الإرسالية فيها الأب نقولا تازه المرسل اللبناني. كما نرحب برئيس الرابطة المارونية في أوستراليا والوفد المرافق. إننا نشكر زيارتهم، ونتمنى للجميع طيب الإقامة في الربوع اللبنانية.
3.إننا نصلي اليوم من أجل شعب لبنان المقيم والمنتشر في القارات الخمس، كي يبارك الله حياتهم وأعمالهم ويفيض عليهم نعمه وبركاته. ونصلي من أجل الإستقرار السياسي في لبنان بتأليف حكومة يكون ولاؤها للبنان، لشعبه وكيانه ومؤسساته، حكومة قادرة ويكون مقياسها لا مجرد أحجام عددية بل الكفاءة والنزاهة والتجرد. كما نصلي من أجل الإستقرار الإقتصادي من خلال النهوض بالاقتصاد، في كل قطاعاته، وإجراء الاصلاحات في الهيكليات والقطاعات التي اشترطها مؤتمر باريس -CEDRE(6 نيسان 2018) لمنح المساعدات المالية بين قروض ميسرة وهبات بقيمة 11 مليار ونصف دولار أميركي. لذا، نقول لا يحق للقوى السياسية، أيا تكن، المزيد من التمادي في عرقلة تأليف الحكومة، بعد مرور أربعة أشهر تماما على المؤتمر المذكور، وشهرين ونصف الشهر على التكليف، فيما الدول الداعمة تنادت وأسرعت وعقدت 3 مؤتمرات لصالح لبنان في غضون شهري أذار ونيسان 2018، في كل من روما وباريس وبروكسيل. إن مثل هذا التصرف السياسي اللبناني يقوض ثقة المجتمع الدولي بلبنان. وهذا ما لا نريده، بل نرفضه.
4. "عظيم إيمانك يا امرأة" (متى 28:15) هذه الشهادة من يسوع أظهرت أن المرأة الوثنية عرفته ربما أحسن من تلاميذه. فلكونها نادته باسمه البيبلي، فقد أدركت أنه هو المسيح الآتي من سلالة داود الملك، وحامل الرحمة الإلهية الشافية لأسقام البشر. بهذا الايمان نادته: "إرحمني، يا سيدي، يا ابن داود، ساعدني إن ابنتي يعذبها شيطان". (متى22:15).
أراد يسوع أن يمتحن إيمانها، كما يفعل مع كل إنسان. فالإيمان ليس مجرد كلمات من الشفاه، بل حياة عميقة مع الله. امتحنها ثلاثا: في الإمتحان الأول، لم يكترث لصراخها؛ وفي الثاني، أهمل وجعها وحصر رحمته ببني أمته من اليهود. وفي كلا الحالتين، ظلت المرأة مثابرة في مطلبها، حتى أتت إليه وسجدت وألحت: "يا سيدي، أعني". عندها كانت المحنة الثالثة والأقسى إذ وجه إليها وإلى ابنتها المعذبة إساءة شخصية بالغة، فقال: "لا يحسن أن نأخذ خبز البنين، ونطرحه للكلاب" (متى 26:15). كم يبدو لنا الرب ظالما أحيانا وبعيدا من أوجاعنا! أما هي، بفضل ايمانها العميق الصادر من قلبها، والذي علمها التواضع والاحترام والصبر، فأعطت جوابها المدهش: "نعم، يا سيدي، والكلاب أيضا تأكل من الفتات المتساقط عن مائدة أربابها وتحيا" (متى 27:15). فلم يكن من يسوع إلا أن أعلن بلوغ الغاية من الإمتحان، وانتصار الإيمان على المحن: "عظيم إيمانك، يا امرأة، فليكن لك ما تريدين!" "ومن تلك الساعة شفيت ابنتها" (متى 28:15). أمثولة رائعة تشرح لنا نهج الله التربوي معنا!
5. من موقف المرأة الكنعانية الصابرة والمثابرة في طلبها، ندرك ضرورة الصلاة من دون ملل، ونفهم لماذا ألح الرب علينا: "سلوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم. من يسأل ينل، ومن يطلب يجد، ومن يقرع يفتح له" (متى 7/7-8). علق القديس أغسطينوس على هذا الإلحاح قائلا: لماذا يلح علينا يسوع لنصلي ونطلب؟ ويجيب: لأنه يصلي معنا كرأس، ويصلي من أجلنا ككاهن، ويستجيب لنا كإله.
6. في ختام هذا التأمل بالحدث الإنجيلي، أود أن أوجه إلى السلطات اللبنانية هذا النداء بشأن عودة الإخوة النازحين السوريين: أما وقد توافق اللبنانيون بمختلف توجهاتهم على وجوب العودة الكريمة والآمنة للإخوة النازحين السوريين حماية لهويتهم الوطنية، وحقهم في المساهمة في إعادة إعمار بلدهم وتقرير مصيرهم فيه، ولما كانت روسيا قد طرحت رسميا مبادرة في هذا السياق، ومع المجتمع الدولي يجري النقاش حول مبادرتها لتسهيل عودة النازحين إلى أماكن إقامتهم الأصلية، مع توفير ضمانات قانونية وأمنية ومقومات الحياة الإقتصادية-الإجتماعية ذات الكرامة والأمان، فإن لبنان ممثلا بالمسؤولين الرسميين فيه مدعو لمواكبة هذه المبادرة بمرجعية ورؤية وطنية موحدتين، وبالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة. وهذا يستدعي الكف عن تسييس المبادرة لمآرب شخصية، وإبقاء هذه المبادرة في إطارها الإنساني وفقا لمعايير القانون الدولي، بحيث يسمح للإخوة النازحين ترتيب أوضاعهم والعودة تحت مظلة تفاهمات دولية وإقليمية، بما يخفف العبء عن المجتمعات المضيفة.
وإذ نأمل في أن يواكب هذه المبادرة أخصائيون همهم لبنان والإنسان، فإنا ندعو جميع القوى السياسية لأن تحتكم إلى منطق العلم في إدارة الأزمات الكيانية بدلا من الانزلاق في شروط وشروط مضادة. مثل هذا الانزلاق يعني أننا حتى الآن لم نتعلم من التاريخ كيفية إنقاذ وطننا وإنسانه، واننا لم ندرك أن العالم لا يحترمنا إذا لم نكن موحدي المرجعية والرؤية.
7. نسأل الله أن يلهم المسؤولين إلى كل ما هو خير للبنان وشعبه، وأن يهبنا نعمة الإيمان الصحيح الملتزم والمعاش. فتضحي حياتنا نشيد تسبيح وتمجيد للثالوث القدوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".
وبعد القداس، استقبل الراعي المشاركين في الذبيحة الالهية، واشار المهندس مفرج الى انه على "جميع المسؤولين الاستماع الى دعوات البطريرك الراعي للترفع عن المصالح الفردية والاحقاد وتقديم التسهيلات من اجل التوصل الى تاليف الحكومة، لان البلد لم يعد يحتمل" .