تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
بعيدا من أزمة تشكيل الحكومة يتأكد أن لبنان يواجه أزمة في نظامه غير القادر على استيلاد حلول ومعالجات لسائر مشكلاته الماثلة في مختلف المرافق والقطاعات، ففي حين تتصدر مشكلة النفايات والتلوث اهتمامات اللبنانيين، وسط الحديث عن كارثة صحية وبيئية، نجد أن المسؤولين منشغلون بتسجيل النقاط، والتباري في الهجاء، وكأن الحنين شدهم إلى الجاهلية الأولى، وإلا كيف نفسر هذا الكم من التراشق؟!
أزمة تشكيل الحكومة تفصيل صغير في أزمة نظام كرس معادلات شوهاء في الممارسة السياسية، وما سوق عكاظ القائم إلا بعض تجليات نظام عقيم، سلب رئيس الجمهورية بعضا من صلاحياته، وأبقى التفلت من ضوابط ومحصنات سمة راسخة في بلد ينتظر أشهرا ليشكل حكومة، وينتظر سنوات لمعالجة أزمة حياتية تمس المواطن بحياته وصحته ومستقبله.
بلد تتحكم فيه "ديموقراطيات" الطوائف هو أعجز من أن يشكل حكومة دون وصي خارجي، بلد تتعدد ولاءات أبنائه بين دول تعيش أزماتها من خاصرة الصراع الإقليمي والدولي، سيظل مترنحا وآيلا في كل لحظة إلى السقوط في أزمات المنطقة.
وفي غمرة "الفولكلور" اللبناني وممارسة السياسة بعقلية الاستئثار وبث الفرقة وتسعير المواقف وتحديد الأحجام والحصص، وكأن البلاد سائبة بين من يتناتشون المواقع والمناصب، أو هي كذلك بالأعراف الجديدة، وقد تكرست مع ما جاد به أرباب الدولة منذ اتفاق الطائف إلى الآن.
لا يعيش لبنان أزمة حكومة فحسب، وإنما أزمة أبعد بكثير من توصيفها في هذا الحيز الضيق، أزمة تؤكد أن لبنان لا يمكن أن يلج مرحلة ترسيخ حضور الدولة، بفكر طائفي ومذهبي، وبعقلية القرون الوسطى في زمن العولمة وثورة الاتصالات ورقمنة كل أشكال الحياة!