تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
لم يلتفت مسؤول واحد في لبنان ليتأكدَ إلى أن مواطنيه باتوا "بلا بحر"، وأن السياحة الشاطئية تراجعت وبدأت تندثر تحت وطأة التلوث، ولم يبق أمامهم إلا السباحة في بحر معاناتهم.
البحر عادة، وفي كل بلاد العالم، هو ملاذ الناس ليروغوا من همومهم، ولينعموا بقسط من الراحة بين الموج وتحت أشعة الشمس في فصل الصيف، فصل الحياة والحيوية بعد "سجن" قسري يفرضه الشتاء، غير أن مسؤول لبنان، أو جلهم على الأقل "سرقوا البحر"، خبأوه في خلف فولاذ خزائنهم مع فائض أرصدتهم، حجبوه عنا لنصبح عراة بلا بحر ولا أفق ننظر إليه لنشاهد الشمس وهي في النزع الأخير، تغرق لتولد من جديد، عابقة بالفرح ومجللة بالحب ومترعة بالجمال.
هذا التوصيف المجازي يعبر عن فساد دولة "ما بعد الطائف"، وما يعيشه لبنان اليوم هو نتاج تراكم السياسات المستهترة غير الآبهة بحياة الناس، ومعها لا عاد البحر بحرا ولا بقي الجبل جبلا، حتى أن اللبنانيين يترحمون على زمن كان فيه أجدادهم يتغنون بجمال لبنان من "مرمى الثلج إلى فقش الموج"، أما اليوم فبعض الجبال قضمتها المقالع والكسارات والثلج صادره الاحتباس الحراري، أما البحر فغارق بالنفايات ولا من يسأل.
لا نعرف لماذا كل هذا الاستهتار؟ ولماذا لم تستعد الدولة الأملاك البحرية المصادرة في فترة الحرب والفوضى؟ ولماذا يجب أن تتعاطى مع المجمعات السياحية الشاطئية كأمر واقع بدلا من هدمها واستعادة الأملاك المنهوبة وهي ملك الناس؟ ولماذا ما يزال هذا النهم قائما ويستهدف شواطىء جديدة، في مشاريع أقل ما يقال فيها انها مشبوهة تفوح منها رائحة السرقة تحت ألف ستار وستار؟
البحر ليس ملكية خاصة والشواطىء إرثنا الطبيعي والجمالي، برمالها وصخورها ومناراتها الباقية، وملاحاتها التي ترقى إلى آلاف السنين، وهي متنفس السياحة الصيفية، لا تلك المجمعات الخرسانية وقد شوهت مدى النظر نحو الأزرق البعيد، في وقت ثمة كثيرون يلهثون لمصادرة ما بقي من شواطىء، من الرملة البيضا إلى شكا شمالا إلى عدلون ومناطق عدة من الجنوب.
أما التلوث فللحديث صلة!