تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
لم يبقَ ثمة مسؤول واحد إلا وهو يلاحق ويطارد الفساد، وفي ذلك تأكيد من أولي الأمر أن الفساد حالة قائمة، وأن المواطن لا يتجنى على الدولة وهو يطالب بوقف الهدر وإبطال المحاصصات الطائفية واعتماد الشفافية والمساءلة في كل الأمور التي تمس مستقبله ومستقبل أبنائه، أي الفساد بسائر تجلياته.
لقد تفتق عقل السياسيين حيال ما هو قائم على فكرة تشكيل وزارة لمحاربة الفساد، وكدنا نصدق أن الأمور ستأخذ مسارها في اتجاه وضع اليد على مكامن الخلل في سائر ومعظم مؤسسات الدولة، وأن مزاريب الهدر ستتوقف، وأن يد القضاء ستمتد لتطاول الفاسدين وتسوقهم مكبلين إلى المحاكمة، إلا أن شيئا من هذا القبيل لم يحصل، وأن أحدا لا يجرؤ على رفع الحصانة عن نائب ورفع الغطاء عن مسؤول فاسد ومرتشٍ.
الهدر هو نتاج الفساد، أزمة النفايات المرشحة إلى المزيد من التفاقم هي نتاج الفساد أيضا، التلوث، التعدي على الأملاك العامة أو مصادرتها، إطلاق يد حيتان المال في نهش وقضم جبالنا وتصحير غاباتنا، البطالة، مفاعيل هجرة الشباب وأصحاب المهن والكفاءات، سوء الإدارة وإذلال المواطنين، مَواكب المسؤولين وهي تجتاحنا غير آبهة بحياتنا، التسلط والفوضى، سوء إدارة المنشآت العامة، أزمة الكهرباء ووعود الـ 24 على 24، تخلف لبنان عن مواكبة التحول العالمي نحو الطاقات المتجددة، التوجه نحو بناء السدود السطحية فيما مياهنا تسرق ويذهب أكثر من 40 بالمئة منها هدرا بسبب الشبكات المهترئة، وبعض هذه السدود تهدد إرثنا الحضاري والثقافي والديني، فيما السدود المنجزة حتى الآن أكدت أنها غير ذي جدوى وفيها هدر للمال العام، من فضيحة سد بريصا في الضنية إلى سد القيسماني في أعالي حمانا وصولا إلى سد شبروح، والقائمة تطول، وجميعها نتاج فساد ثمة من يحميه لأن فيه مبرر وجوده.
وما يثير الاستغراب أن جميع المسؤولين يحاربون الفساد، حتى بات "لازمة" لا بد استحضارها وترديدها في أي خطاب، فأي فساد هذا المتواري عن الأعين، فيما الكل دون استثناء يبحث عنه، يطارده بالخطب والشعارات، وما استوقفنا أن جميع المرشحين إلى الانتخابات النيابية لم يهادنوا في أنهم سيجتثون الفساد من بنية الدولة!
وسط كل ذلك، لم يعد ثمة خيار أمام المواطنين إلا أن يتولوا بأنفسهم محاربة الفساد، هذا المتغول الذي يمتص دماءهم، لكن المشكلة أن المواطنين المغلوب على أمرهم جددوا للفساد أربع سنوات، وأضاعوا فرصة سانحة لإطلاق معركة التصدي للفساد والمفسدين.
أما قمة الفساد فتظل متمثلة في سلطة تتقاسم اللبنانيين طوائف ومذاهب، في نظام طائفي يرعى ويحضن الفاسدين ويحيمهم!