تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
– أنور عقل ضو
فجأة، ودون مقدمات دبت الغيرة لدى بعض من صعَّدوا المواقف وتراشقوا بعبارات من العيار الثقيل، ونبشوا ملفات الماضي، وباتوا يتحدثون الآن عن أن تشكيل الحكومة أولوية.
هذا المشهد "السوريالي" لا نجد مثيلا له في أي دولة على هذا الكوكب، إلا في لبنان، وهو استثناء فريد يؤكد كم بلغنا في مستوى الانحدار، ونحن لا نزال مصدقين أننا ننتمي لدولة محصنة بالقانون ومحمية بالدستور، فيما هي مجرد إطار لطوائف لا تجتمع إلا على حماية مصالحها.
في تغيير لهجة التخاطب، من التصعيد إلى الحرص على تشكيل الحكومة، يتأكد أيضا أن من اختارهم الناس لتمثيلهم في الندوة النيابية يذكروننا بـ "الماريونيت" فكل زعيم يمسك بمجموعة من اللاعبين، يتقن تحريكها وتوظيفها في ما يخدم مصالحه، وبعض هؤلاء مجرد "كومبارس" لا أكثر.
في ظل هذه الذهنية، وهذا النمط من تسيير أمور البلاد، لا بد من أن نقول الأمور بصراحة، كي لا يظن أي مسؤول أنه قادر على استغباء الناس، حتى لو محضوه ثقتهم في انتخابات هي في العرف اللبناني مهزلة وتجديد الولاء لممثلي الطوائف، وغالبا ما يسبقها التحريض ونبش القبور، وإشاعة أجواء بأن هذه الطائفة مهددة من الطائفة المقابلة، فتضيق خيارات الناس لصالح انتماءات غرائزية.
من هنا نقول، إن مشكلة تشكيل الحكومة، وبعيدا من التأويلات والغوص في تفاصيل المواقف، تتمثل في كون الحكومة عينها عبارة "كعكة" الكل يريد حصته منها، تماما كما أي مشروع تلزيم طريق أو بناء منشأة عامة، أي بالتحاصص وتقاسم المغانم، لذلك تعطل تشكيل الحكومة بين الأحجام المنفوخة ونصيبها من "كعكة" لا تكفي لتسد النهم والجوع لمواقع هي في الأساس ملك اللبنانيين، فأي وزارة هي لخدمة الناس، وليست حكرا على جماعة دون غيرها، وأي كلام آخر فيه تعمية وابتعاد عن حقيقة صادمة، في كوننا لبنانيين يتقاسم المسؤولون لحمنا ليبنوا عروشا زائفة!