تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
*فادي غانم
قمة السقوط والإحباط ألا يملك اللبنانيون إلا رفع الصلوات ليواجهوا أزماتهم، بعد أن سُدت الآفاق أمام تشكيل حكومة كانت على وشك الولادة الطبيعية، فإذا بها تتعثر وتغدو قيصرية صعبة، تحتاج لمبضع جراح أو أكثر، وغرفة عمليات وتنفس اصطناعي وتجهيز مركز للعناية الفائقة، هذا إذا ما تكللت الولادة بالنجاح، وتمكنا من عبور نفق التأليف المظلم إلى شمس الولادة والحياة.
هذا التوصيف يؤكد كم بات حالنا اليوم يحتاج لعمل جراحي، بعد أن بطُلَ مفعول المسكنات والمهدئات، وصار لزاما علينا أن نشخِّص المرض تشخيصا دقيقا، ونكتشف العلاج والدواء بوصفة لبنانية خالصة، لنؤكد أننا لسنا بعاجزين عن مواجهة الحالة الحكومية الطارئة دون وصي خارجي، وأننا قادرون على تخطي العثرات بعين العقل، كي لا تأخذنا الإنتماءات الضيقة إلى مشرحة الانتظار أكثر فأكثر.
ننتظر أن تكون بداية الأسبوع واعدة بانطلاق مشاورات ولقاءات تريح الساحة السياسية أولا، فالحديث الآن عن تفاصيل تشكيل الحكومة ليس واردا في ظل ما استجد من أجواء بددت التفاؤل وأعادتنا إلى فوضى المواقف، وننتظر مبادرة أبينا البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ورعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، على أن يكون الجميع مستعدا لطي صفحة وفتح أخرى، هذا من باب الخلاف المسيحي – المسيحي، فيما ننتظر أيضا أن تُـهيَّــأَ الأجواء لتبريد نار المواقف على مختلف الساحات، وأن تكون عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى لبنان مقدمة لإطلاق عجلة تشكيل الحكومة مرة جديدة وأخيرة، بعد تخطي العقبات والعثرات.
يبقى الأهم أن نستفيد من اللحظة السانحة، ونرمم ما تصدع في بنية الدولة، وهذا يتطلب إعلان نوايا، عنوانه وقف التصريحات والتصريحات المقابلة، من مسؤولي الصف الثاني، كي لا نصب زيت الخلافات على نار أزماتنا، وهي أبعد من أن تختصر بتشكيل الحكومة.
والمطلوب اليوم أكثر من أي وقت أن نقارب تعثر تشكيل الحكومة وطنيا وسياسيا، بعيدا من الحصص والتوازنات الجانبية، مستفيدين من الدروس والعبر الأخيرة التي سعَّرت الخلافات وكادت أن تقوض بعض دعائم سلمنا الأهلي.
والمطلوب اليوم أيضا أن ننظر إلى واقعنا المأزوم بعيدا من الاستعلاء والنزاع على مقاعد وزارية، بعيدا من مناصفات تلغي الآخرين، وبعيدا من منطق الإستئثار تحت أي مبرر، والابتعاد عن معادلات حسابية غير قابلة للحياة، حتى ولو استندت إلى ما لفظته صناديق الاقتراع من نتائج، فساعة تصفو النوايا، لا نعود بحاجة إلى لغة الأحجام والأرقام ومعادلات حسابية غير قابلة للحياة.
لا يمكن أن نصل إلى بر الأمان إلا من خلال التنازل عن الأتباع لصالح الأكفاء إلى أية جهة انتموا، لأن لبنان اليوم في العناية المركزة، ولا يتحمل المزيد من المغامرات!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز (المنطقة 351 – لبنان، الأردن، العراق وفلسطين).
*رئيس "جمعية غدي"