تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
لا بد من استنفار سياسي وأخلاقي قبل أن يحدث الانفجار
#الثائر
تستمر المراوحة عنوانا لواقع سياسي مأزوم وضاغط، بدليل أن الأولوية الآن تكاد تنحصر في مسألتين أساسيتين، تخطتا في "الأهمية" تشكيل الحكومة، وهما:
أولا، نقاهة المسؤولين ومقصدهم أوروبا لتمضية الوقت والترفيه مع عائلاتهم، فيما اللبنانيون محاصرون بالنفايات، دخانا وروائح، وبما يفيض من الصرف الصحي بحرا وشواطىء وأنهارا وينابيع، فلا "الصيف صيف" وسط أكوام القمامة والمكبات العشوائية وحرق النفايات، ولا "الصيف صيف" فيما الشاطىء اللبناني موبوء بما خلفته أزمة النفايات عموما وكارثة المطامر الشاطئية خصوصا، بما هي فضيحة بتوقيع الحكومات السابقة ورعاية حكومة تصريف الأعمال.
لا هَمَّ إن مات اللبنانيون أو حاصرتهم الأمراض، ولا همَّ أيضا أن تسجل نسب وفاة بمرض السرطان تفوق النسب العالمية بأشواط بعيدة، من شكا إلى البقاع إلى بيروت والشوف، وإلى الساحل بين معملي الذوق والجية الحراريين، فالموت بالمجان، ولا من يسأل، لكن المهم يبقى دائما أن ينعم المسؤولون بهواء أوروبا النقي، ويسبحون في مياه شطآنها النظيفة، وإجراء "تشيك آب" صحي في مستشفياتها، فيما هم يروجون للسياحة الصحية!
ثانيا، لقاءات المصالحة والمصارحة لإشاعة أجواء التفاؤل ورفع منسوب الأمل الضائع في مهب المصالح والأغراض والأهواء، ذلك أن الحديث عن تشكيل الحكومة من المفترض أن تسبقه جولة مناقشات ولقاءات جديدة بعد أن طغت أجواء الخلافات مع سيل المواقف المشحونة.
لقد بلغ السيل الزبى، ولم يعد ثمة من نطرق بابه ونتوسله أن يلتفت إلى معاناتنا ونحن نموت بالمرض وغياب فرص العمل وهجرة أبنائنا، إلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أب اللبنانيين جميعا، وهكذا نريده قويا بمحبة الناس، قويا بتفهم ظروف معيشتهم ومخاوفهم من حاضر ومستقبل.
ونقول لفخامة الرئيس، أن لبنان لا يمكن أن ينهض مع طبقة سياسية فاسدة، استولدت شرعيتها بقانون انتخاب مفصل على مقاس الزعماء، قانون هجين فصلته الطبقة السياسية عينها لتستولد حضورها من جديد كقدر وسيف مسلط على رقاب اللبنانيين، فهل ثمة من يقر قانون إلغاء حضوره "التمثيلي"؟!
يبقى ثمة أمل، ونعلم أن فخامة الرئيس بات يدرك أن الناس في واد والمسؤولين في واد آخر، وأن المواطن الرازح تحت عبء المعاناة لا يهمه إن كان الوزير، أي وزير، ينتمي لهذا الفريق أو ذاك، لا يهمه شكل الحكومة، ولا من سيتم توزيرهم أو من سيعودون، هم المواطن أن يعيش بكرامة قبل أن يكفر وينتفض انتصارا لحقه في حياة حرة كريمة.
ولأنك تعلم يا فخامة الرئيس، أنت القادم من بين صفوف الناس، فننتظر أن تضع حدا لما بات في عرفهم مهزلة، وننتظر أن ترفع عن مواطنيك الوجع اليومي، وأن تصرف رصيد محبتك وقوتك في ما يضع حدا لمأساة الناس!
لبنان في العناية المركزة، ولا بد من إعلان حالة طوارىء سياسية، ولا بد استنفار سياسي وأخلاقي قبل أن تحل الكوارث ويحدث الانفجار!