تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
ضمن جولاته الوداعيّة على المرجعيّات والقيادات السياسيّة والأمنيّة والعسكرية والروحية يترك القائم بالأعمال في السفارة الأميركيّة في بيروت ريتشارد جونز، الذي يغادر لبنان نهائياً لتحلّ محلّه السفيرة إليزابيت ريتشارد، انطباعاً لدى جميع مجالسيه بأنّه "حزين" بسبب انتهاء مهامه في العاصمة اللبنانيّة واضطراره إلى المغادرة. فهو اكتشف لبنان بغير العين التي رآه فيها قبل نحو عشرين عاماً حين كان سفيراً في البقعة الواقعة تحت الوصاية السوريّة. وهو غالباً ما ردّد أمام زوّاره بأنه "نَعِمَ" خلال فترة وجوده في لبنان بفرصة التعرّف على قيادات عدّة واكتشاف أماكن جديدة وجميلة والمشاركة في مناسبات ديبلوماسية واجتماعية، وهو الأمر الذي لم يتوافر له سابقاً.
السفير الأميركي السابق في لبنان بين العامين 1996 و1998 في مرحلة الوصاية السورية على لبنان، وسفير الولايات المتحدة السابق في إسرائيل بين العامين 2005 و2008، خَلَف السفير دايفيد هيل (كانون الأول الماضي) بعد تمديد الأخير إقامته في لبنان أكثر من مرّة، وتزامن ذلك مع مواكبته للحراك المدني في الشارع عن كثب وأزمة الرئاسة الى لحظة اتهامه بأنّه أحد الطهاة الرئاسيّين لطبخة فرنجيّة ـ الحريري. وهو الأمر الذي عاد وزير الداخليّة والبلديّات نهاد المشنوق وأكّد صحّته قبل أيّام، أقلّه بما يملكه من معطيات خَبِرَها بنفسه خلال الفترة الماضية، مؤكداً أنّها تعكس وجهة نظره فقط في هذا الموضوع.
قدّر كثيرون أنّ فترة وجود جونز في لبنان، والتي وفق العارفين لم تكن لتتخطّى الستة أشهر كونها مرحلة انتقاليّة تسبق وصول السفيرة إليزابيت ريتشارد إلى لبنان، قد تشهد انفراجاً رئاسياً يواكبه جونز عن قرب، ثم تأتي السفيرة ريتشارد ضمن مناخ رئاسي جاهز يُسهِم أوّلاً في تأمين "الغطاء الرسمي والضروري" لحضورها وذلك عبر تقديم أوراق اعتمادها (على غرار الكثير من السفراء الأجانب) أمام رئيس الجمهورية المنتخب.
لكن هذا ما لم يحدث، فدخل اللبنانيون مجدّداً في مدار التكهّنات حول ما إذا الانفراج الرئاسي سيكون على "عهد" السفيرة الأميركية الجديدة. هذا مع العلم أنه في كل لقاءات التعارف مع المسؤولين السياسيين الذين التقاهم جونز ومن ثم من خلال لقاءاته الروتينية معهم كان الديبلوماسي الأميركي يكرّر لازمة أساسيّة: "حان الوقت لاجراء الانتخابات الرئاسية؛ الآن هو الوقت المناسب للاختيار"، لكن من دون التطرّق إلى الأسماء.
ولكن ما لا يُعرَف عن جونز هو "تسويقه" الدائم لحتمية حصول الانتخابات البلدية، ومفاتحته وزير الداخليّة والبلديّات شخصياً بذلك، على اعتبار أنّه استحقاق محلي يستحيل القفز فوقه أو إيجاد المبرّرات لتأجيله كما حصل في الانتخابات الرئاسية والنيابية.
في زيارته الوداعيّة لرئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون بحضور مسؤول الملف الديبلوماسي والعلاقات الخارجيّة في "التيار الوطني الحر" ميشال دوشادرفيان، سمع جونز كلاماً صريحاً من "الجنرال" يفيد بأنّ مؤشّرات الانفراج الرئاسي أصبحت أقرب من أي وقت مضى. وفي هذه الجلسة تمنّى جونز حصول الانتخابات الرئاسية في القريب العاجل، خصوصاً بعد الاستحقاق البلدي الذي حرّك الركود القائم وشكّل جرس إنذار وأدّى، على حدّ قوله، "إلى جعل عدد كبير من السياسيّين يأخذون العِبر من هذه الانتخابات، خصوصاً لجهة الوقائع التي دلّت على أنّ الأحزاب، التي وإن ربحت في بعض المناطق، فإنّ هذا الربح لم يكن لصالحها بسبب جرس الإنذار الذي قرعه المجتمع المدني". وقد جرى التطرّق إلى تجربة "بيروت مدينتي" في العاصمة التي حازت رقماً لا يجوز التغاضي عن معانيه، وتجربة وزير العدل المستقيل أشرف ريفي في طرابلس الذي صوّت له الناخبون بوجه "لائحة الأحزاب والزعامات".
وأضاف جونز: "أتمنى أنْ تأخذ القوى السياسيّة هذا الأمر بالاعتبار وتُسهّل حصول الانتخابات الرئاسيّة والنيابيّة كمدخل للتغيير الحقيقي".
وكانت الآراء بين عون وجونز متطابقة في شأن أنّ الانتخابات البلديّة ليست مؤشّراً لقياس الأحجام والتحالفات في الانتخابات النيابية وذلك بسبب تداخل العوامل والتأثيرات والتي تجعل الحزب نفسه أو التيار السياسي ذاته منقسماً أو موزّعا بين اللوائح المتنافسة".
وفيما لم تتطرّق الجلسة إلى "السيناريو" الذي كشف عنه الوزير المشنوق من أنّ ترشيح فرنجية مرّ أولاً بالبريطانيّين ثم الأميركيّين ليصل إلى السعوديّين وينتقل منهم إلى رئيس "تيّار المستقبل" سعد الحريري، فإنّ أوساط الرابية تؤكّد أنّ الرمزية الأهمّ لم تتجلّ في زيارة جونز إلى الرابية حيث إنها تأتي في السياق البروتوكولي المحض لسفير يستعد للمغادرة، بل في الزيارة التي أصرّ الأخير على القيام بها الى مقرّ حزب "التيار الوطني الحر" في المركزيّة ولقائه رئيسه وزير الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل، وذلك بعد الزيارة البروتوكوليّة التي سبق أنْ قام بها إلى وزارة الخارجيّة.
ملاك عقيل