تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
7000 صوت الفارق بين آخر الرابحين في لائحة البيارتة وأول الخاسرين في لائحة #بيروت_مدينتي على رغم تحالف الأحزاب التقليدية ضدَّ فريق يخوض المعركة الانتخابية للمرة الأولى. لائحة "البيارتة" حصلت على 47 ألف صوت، بينما حصلت "بيروت مدينتي" على ٣٢ ألف صوت في الانتخابات البلدية لعام 2016، بمشاركةٍ لمَ تتعدَّ الـ 20 في المئة. هذا الفارق جاء مدوياً مقارنةً بانتخابات بلدية بيروت عام 2010، حيث بلغت نسبة الاقتراع 21%. حينها، فازت لائحة "وحدة بيروت" المدعومة من "تيار المستقبل" وحلفائه، وبلغ الفارق في الأصوات بين أول الفائزين وأول الخاسرين 54 ألف صوت، إذ نال رئيس اللائحة حينها بلال حمد نحو 65 ألف صوت، فيما نال أول الخاسرين المرشح يحيى الطبش 11 ألف صوت. تغيُّرٌ في الأرقام عقب حملة انتخابية خاضتها "بيروت مدينتي" في 8 أشهر فقط، مقارنةً بسلطة ضاربةً جذورها في العمل الانتخابي، أمر يثبت أنَّ اللبنانيين باتوا قاب قوسين من التمرد على الطبقة السياسية التي أطبقت عليهم طيلة عقود.
النتائج... اقتراع عقوبي
"الفرق دليل تململ وعدم رضا لدى الرأي العام عن الوضع بسبب أداء البلدية السابقة ما انسحب على موقف سلبي من البلدية الحالية التي جرى تعيين لائحتها بالطريقة نفسها"، بهذه العبارة تختصر استاذة العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف الدكتورة فاديا كيوان في حديث لـ"النهار" نتائج الانتخابات البلدية في مدينة بيروت "3 أسباب تختصر هذه النتيجة، الأول جاء كردة فعل الناس على طريقة التعيين وتسمية أشخاص من طريق الزعماء حيث لا يستطيعون محاسبتهم. فمن صوَّت لـ "بيروت مدينتي" لم يكن صوته عن قناعة كاملة بل كاحتجاج على أداء البلدية السابقة وتشكيل اللائحة الحالية، هذا الاقتراع يسمَّى بالاقتراع العقوبي (vote sanction) أي الاقتراع ضد فريق أكثر مما هو مع الفريق الخصم. هذه الأرقام مفاجئة ولم أتوقع خرقاً في اللائحة إذ إنَّ الأحزاب جميعها مجتمعة، ولكن الفارق كان قليلاً ما يعني أن الناس غير راضية ما يستدعي المراجعة. السبب الثاني كان حث الناس على المشاركة بالتصويت بكثافة، وأن يكون الهامش كبيراً بينهم وبين معارضيهم. هذه القدرة خسرتها الأحزاب، عملياً خسروا رهان التصويت بأعداد كبيرة والربح بفرق شاسع. ما لا يجب إغفاله هو موقف تيار "المستقبل" الذي حاول حماية المناصفة، والتزام مناصريه باللائحة كاملة. موقف الرئيس سعد الحريري يُشكر عليه إذ إنه تيار معتدل ووازن. أما السبب الثالث، فهو اعتبار المواطنين أنَّ تشكيل ائتلاف الأحزاب لا يستدعي ذهابهم للاقتراع على اعتبار أنَّ صوتهم لن يحدث فرقاً، ولا يستطيعون مواجهة الأحزاب والتغيير".
تحوُّل في اتجاهات الرأي العام
"جاء الرد من بيروت مدينتي، بحسب كيوان، مسجَّلاً أرقاماً قوية وهو مؤشر سينعكس على المشاركة بأعداد أكبر في الانتخابات النيابية. وهنا يجب أن يعلم الرئيس سعد الحريري أنَّ الأحزاب المشاركة معه في اللائحة لم تصوِّت ضده أو تتواطأ عليه، بل إنَّ قواعد الأحزاب في الدائرة الأولى لم تلتزم بتوجيهات القيادات. هذا الامر يعني أن الرأي العام غير راضٍ بإسقاط أسماء من القيادات العليا. الرأي العام المسيحي لا تربطه العلاقة نفسها بقياداته الحزبية، في حين أنَّ العلاقة أقوى بين تيار "المستقبل" وقاعدته، كما أن لغة الحريري كانت لغة تقليدية شدَّت العصب". وتلفت كيوان إلى أنَّ "سير العملية الانتخابية يؤكد على وجود قدرة لإجراء انتخابات وعدم التمديد لمجلس النواب. كما أن التعاطي السياسي سيتغيَّر طبعاً بعد هذه الانتخابات. ويجب على الناس أن تملك قناعة وأن تثق بنفسها، وبأنَّ النضال يوصل إلى نتيجة. كما أنَّ التعاون في ما بينها يمكن أن يؤثر، فلو تعاون الوزير السابق شربل نحاس مع لائحة "بيروت مدينتي" لتمكنوا من إحداث خرق".
وتشدد كيوان على أنَّ "هذا التغيُّر لا يرجع فقط إلى وجود جيل جديد بل إلى كتلة يسارية علمانية تقدمية لم يكن بإمكانها التأثير، أصبحت الآن أقوى وتقاطعت أهدافها اليوم مع الجيل الجديد الناقم وغير الراضي. الحراك المدني كان مؤشراً أول، والتحولات في الانتخابات البلدية هي مؤشر ثانٍ، ما يفيد بأنَّ ما جرى هو تحول على الأرض في اتجاهات الرأي العام والمزاج الشعبي. وبات ثمة تصدعٌ لصورة الأحزاب خصوصاً المسيحية مع تململ قاعدتها الشعبية وتمردها عليها، ما يستدعي إعادة التواصل مع قواعدها واعتماد طرق حديثة لتسمية المرشحين".
لعبوا على عواطف الناس
47465 صوتاً حصلت عليها السيدة يسرى صيداني متقدمةً على باقي مرشحي لائحة "البيارتة" ورئيسها المهندس جمال عيتاني. ترجع صيداني سبب تدني الفارق بين اللائحتين في حديث لـ"النهار" إلى "عمل اللائحة المنافسة على عواطف الناس وحبِّهم للتغيير ولفت انتباه فئة الشباب. كما أنَّ بعضاً منهم طالبوا بالمقاطعة ولكنهم انتخبوهم. المواطنون ملّوا وتعبوا من الوضع السائد، ولكننا سنكون عند حسن ظنهم، ونحن نحمِلُ روحية جديدة نستطيع من خلالها خدمة الشعب والبلد. نحن ملتزمون بوعدنا". وشدَّدت على أنَّه "في السابق، تمَّ تحميل المجلس السابق مسؤولية جمَّة، الظروف التي مرَّت عليه كات صعبة في ظل الأحداث الدامية في منطقة الشرق الأوسط، وإضافةً إلى الاختلاف الذي حصل مع المحافظ، مما أفقد الناس الثقة بالمجلس البلدي. ولكن نؤكد للناس أنَّ العلاقة بين المهندس جمال عيتاني والمحافظ الحالي جيدة جداً. أما في ما يتعلق بالنتيجة، الربح يبقى ربحاً، ولكن الأرقام تؤكد ضرورة وأهمية التكاتف والاستفادة من الخبرات والأشخاص الكفيين، طالبةً من الله أن يقرِّب الخير للبنان ولبيروت".
هيّأنا الأرضية للانتخابات القادمة
"بإمكانات متواضعة وتمويل فردي وغياب الخبرة في مجال العمل الانتخابي تمكنّا من تحقيق نتيجة مشرِّفة، ولم نلجأ إلى أساليب الغش أو الرشوة أو دفع الناخبين إلى التصويت مقابل مبالغ مالية"، هذا ما يؤكده مرشح "بيروت مدينتي" الدكتور وليد علمي لـ"النهار"، مضيفاً: "لم يعتقد الناس بأننا قد نحصل على أكثر من 5 آلاف صوت كلائحة جمعاء، ولو أنَّ الإقبال على التصويت كان أكثر لربحنا بالتأكيد. ولكننا هيأنا الأرضية للانتخابات البلدية والنيابية. كثرٌ حاولوا مواجهتنا بالتهويل على المواطنين، ولكننا لسنا قوة سياسية أو عسكرية، بل هدفنا القيام بمشاريع إنمائية لا سياسية". وأرجع علمي تراجع الإقبال على التصويت إلى أنَّ "الناس ضاقت ذرعاً بالوضع القائم، حيث اعتبر البعض أنهم يهدرون وقتهم ففضلوا عدم التوجه إلى مراكز الاقتراع لمواجهة الأحزاب المخضرمة، معتقدين أنَّ صوتهم لن يغيِّر من المعادلة". وختم قائلاً إنَّ "اللائحة المنافسة لا يجب أن تكون فخورة بنجاحها، هي الممولة بملايين الدولارات ومدعومة من كل الأحزاب السياسية، إذ إنَّ نسبة التصويت لم تتعدَّ الـ 13% وهذا الرقم لا يعد انتصاراً".
كثرٌ قالوها، إنَّه نصرٌ بطعم الخسارة، وخسارةٌ بطعم النصر. فيما تبقى العبرة التي يمكن استخلاصها أنه على الرغم من كل الضغط السياسي أثبت اللبنانيون وعياً وإدراكاً ومسؤولية، واستطاعوا تخطي هذا الامتحان بروحيةٍ تُنبئ بتغيير آتٍ لا محالة.