تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
#الثائر
قبل إسبوع من لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبالتنسيق مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وبعد المحادثات التي أجراها المبعوث الأممي الى سورية ستيفان دي مستورا مع المسؤولين الإيرانيين في طهران، واقتراحه بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة مقابل تعيين ثلاثة نواب رئيس له من المعارضة مع الحّد من صلاحياته بإستثناء قيادة الجيش، أعلن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي من الجولان بنيامين نتنياهو في أعقاب إجتماع حكومته في الهضبة التي لطالما حلمت اسرائيل بضمها إليها من قبل أن تحتلها في العام 1967 وإبقائها تحت سيطرتها الى الأبد، لدواع أمنية، ومطامع مائية وسياحية واستراتيجية وبغض النظر عن معرفة العرب كل العرب بأطماع إسرائيل بأرضهم ومياههم ومصادرة كل خيراتهم من قبل قيام هذا الكيان المزروع في قلب الأمة العربية، منذ تقسيم فلسطين في العام 1948، وحروب العرب واسرايل في الأعوام 1967، و1973، وكل الإعتداءات التي نفذتها ضدّ لبنان من عملية الليطاني سنة 1978، الى إجتياحها لبنان في العام 1982، وعدواني 1993 و1996، وإنطلاقة المقاومة الوطنية وإجبارها على الإنسحاب من لبنان في 25 أيار من العام 2000، وبعد ساعات على إنتهاء أعمال قمة الدول الإسلامية التي إنعقدت في اسطنبول ومطالبة اسرائيل بتنفيذ المبادرة العربية والإنسحاب الى حدود الرابع من حزيران 1967.
فإنّ قرار ضم الجولان بدلالاته وبتوقيت الإعلان عنه بعد مرور 70 سنة على إستقلال سورية، و50 سنة على وجوده تحت سلطة القانون الإسرائيلي يهدف الى سعي إسرائيل الجاد لتغيير المعادلات والتحالفات في المنطقة بسبب الأوضاع التي تمر بها سورية بالتنسيق مع الإدارة الأميركية من خلال التواصل المستمر مع الوزير كيري، ومع الرئيس الروسي بوتين، الذي عرض على نتنياهو أثناء زيارته لإسرائيل في العام 2013 إقامة منطقة عازلة وحزام أمني عبر إنتشار الجيش الروسي على طول الحدود السورية مع إسرائيل بعمق خمسة كيلو مترات. لكن نتنياهو رفض الفكرة محاولاً إقناع بوتين بتكريس حل الدويلات إنطلاقاً من تقسيم سورية، ظناً منه أنّ قيام كيانات طائفية في سورية يخدم إسرائيل أكثر من أي مشروع آخر.
وإنّ اسرائيل منذ إنلاع الحرب الأهلية في سورية وهي تراقب عن كثب ميدانياً ودبلوماسياً تطور الأوضاع الميدانية في الداخل السوري ونظرة العالم له لكي تتخذ الخطوة المناسبة، ويبدو أنّ موضوع ضم الجولان بشكل نهائي تحت سلطتها هو اليوم أفضل من أي وقت مضى، لأنّ كل المؤشرات تصب في خدمة مشروعها التوسعي الذي مهدت له من خلال مجموعة عناصر أساسية:
الأول: تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة بحجة دعم النظام السوري يقابله تمدد لحزب الله للغرض نفسه، وسعي حزب الله الى تشكيل قوة عسكرية لتحرير الحولان المحتل أوكلت مهمة تحقيقها للأسير المحرر سمير القنطار، سرعان ما إكتشفت إسرائيل هذه الخطة وقامت بإغتياله قبل تنفيذها، وهي ما زالت تلاحق كل المرتبطين بها.
الثاني: تعتبر إسرائيل أنّ التدخل العسكري الروسي في سورية عنصر مساعد ساهم بكسر الإحتكار الإيراني وخروج سورية من عهدة الوصاية الإيرانية ما يسمح لها التفاهم أكثر مع روسيا. خاصة وإنها عرضت عليها حماية حدودها قبل ثلاث سنوات.
الثالث: الإستفادة من حالة القطيعة شبه النهائية بين الدول العربية المؤثرة كالسعودية ودول مجلس التعاون الخليجي مع إيران ما يضعها مع حزب الله في مواجهة دائمة معهم بما يؤكد إنحيازهما الى جانب النظام السوري الساعي الى بقائه في الحكم بأي ثمن وقد يكون هذا الثمن التخلي عن الجولان، مقابل موافقة أميركا وروسيا على ذلك خدمة لإسرائيل. وقد يكون ذلك من شروط تفاهم إيران مع الغرب الذي أدى الى رفع العقوبات عنها.
الرابع: وهو الأساس، ويتمثل بالتغيير الديموغرافي، والإنقسام المذهبي والعرقي التي بدأت معالمه بالظهور من أفغانستان الى سورية، مروراً بالعراق وكل جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق. وبروز معالم الحكم الذاتي للأكراد في شمال العراق، والأرمن في إقليم ناكورني كاراباخ المحتل من جمهورية اذربيجان، بما يشير الى تقسيم سورية الى أكثر من كيان مذهبي، وإلا ما معنى زيارة الموفد الأممي الى طهران لبحث المرحلة الإنتقالية في سورية بعد رحيل الأسد ليعود منها بإقتراح بقائه في السلطة مقابل تعيين ثلاثة نواب رئيس من المعارضة مع الإبقاء على الجيش في عهدته، وأية معارضة ستصمد أمام بقائه في الحكم وكل الجيش والمخابرات في أمرته؟
المهم أنّ نتنياهو ضرب ضربته في الوقت المناسب كمقدمة لإعادة تقسيم المنطقة من جديد بمباركة روسية أميركية إيرانية مقابل تفكيك سورية وشرط بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم. فهل هذا ما كانت تريده إيران وحزب الله، في مقابل الصمت العربي المريب؟
—————————————-
(*) صبحي الدبيسي