تابعنا عبر |
|
|
الثائر تقدم لكم تقنية الاستماع الى مقالاتها علّم أي مقطع واستمع إليه
"الثائر"
سأل راهب من تلامذة مارون عن أي اتجاه يـأخذ ليبشّر بيسوع، فبدأ يبحث ويبحث فلم يجد الحل، فصعد إلى منسكة مارون ليستشيره، فرأى مارون وبيده عصا راسماً خريطة المنطقة جغرافياً ويشرح لبعض الملافنة معنى الرسالة في هذا الشرق. فانفرج محيّى الراهب الشاب لأن الرب استجاب لدعائه وبدأ يستم إليه.
قال مارون، ستأتي أيام صعبة عليكم، تساقون للقتل، الهجرة، المضايقات، الترهيب والترغيب وتساقون الى المحاكمات كما أعلمنا الرب في إنجيله، واليوم سأرسم لكم الإتجاه المناسب فيكون هناك مرقدكم ولا تتركون تلك الأرض لأن الربّ أبشرنا بواسطة روحه القدوس أنّه باركها وهو حاميها.
مسك عصاه رافعاً اياها الى السماء، وقال: الرب سيغدق على الأرض ماء، ومتى يهطل المطر اتبعوه، وحيث البرد والثلج هناك تنامون. تسكنون بين الذئاب، تلجأون إلى المغاور الصعبة الوصول، ويكون الصوم مأكلكم والصلاة مشربكم. لا بشر هناك، بل تدجّنون البريّة ومن فيها، وتملؤون الليل ترنيما والفجر بخورا، صلّوا الى ربكم وهو وكيل كل شيء. وعاد مارون إلى صلاته.
فجلس ذاك الراهب الشاب على صخرة وتكى على غصن شجرة وبدأ يفكرّ بما قاله مارون فلم يفهم شيئاً. وعاد يفكّر أي طريق يسلك ليبشّر، وكما سمع فهناك لا رفيق سوى الوحوش والمغاور.
قرر أن يستشير من سبقه خبرة وصلاة، فمرّ بالأول والثاني والثالت فكان الجواب واحداً، ما سمعته نسمعه من أبينا مارون ونحن في عمرك ولا جواب.
اغتاظ وقرر أن يصعد إلى مارون ويعرف الجواب بنفسه، فدنا من مارون وسأله، يا معلّمي احترت بأمري ومعي جميع تلاميذك فلما لا تسمّي الأمور بأسمائها، ولما التبشير في منطقة لا ناس فيها فما هو دورنا إذاً؟
عندها أمر مارون الراهب بإحضار جمع الرهبان فكانوا كرمل البحر لحاهم داست الأرض فباركتها. نظر إليهم مارون نظرة موقرة، وسأل بصوت جهور، يا كبار الرهبان وملافنتنا، إلى متى سأبقى معكم؟ حان وقت ذهابي إلى دنيا الحق من دون جسد، وأنا أرسلكم إليها أحياء ولا زلتم تسألون؟
ذهل الحضور واحتاروا بأمرهم، ما هي تلك الجنة التي يدخلونها أحياء، ومارون لن يدخلها معنا؟ فمسك عصاه من جديد وأشار بها إلى السماء، وبدأت يده تتهادى إلى سلسلة جبال فانهال المطر وتساقطت الثلوج ورأوا ذئاب الليل تهرب خائفة فانشقّت الأرض وتصدّعت وجاءت ملائكة السماء بكثرة كل واحد منها يحمل راهباً فأنزل كل واحد إلى مغارة وضربت الأرض بعصا مارون فعاث البخور في ذاك الوادي الكبير، فنظر الرهبان إلى هول ما حدث فخافوا خوفاً شديداً، عندها توقّف كل شيء وسال الثلج وأشرقت السماء واتضّح النهار فرأى الرهبان بعضهم وهم يطلّون رؤوسهم من مناسكهم كعصافير في عشاشها، صرخوا بالجوق الأوّل ربّي، وبالجوق الثاني يسوع، وصاح الجمع بمارون “مجد هذه الأرض لك” وستبقى ووعد علينا أن نحفظها بالدم، فقال مارون “لبنان” اسمه، فقالوا “مجد لبنان أعطي لك”، هذا المجد أعطيه لكم بدوري، حافظوا عليه بمشلحكم ردوا عنه النار، وقولوا لمن شاء اضطهادكم، ها إننا حاضرون وللعلامة وضع كاهنهم الأكبر صليباً على تلّة ورمى حجرة من فوق، فلم يسمع صداها، فنظر إلى مارون وقال، يا معلمي نعدك أن كل من يقترب من هذه الأرض لن يسمع به إلى الأبد.